.. وكم علا رفعت في بلادنا؟!
بالصدفة وحدها تابعنا نهارا قصة علا رفعت المتفوقة ابنة عامل النظافة الشريف والأولى على طلبة الشهادة الإعدادية بالبحيرة التي تركت التعليم العام لعدم القدرة علي استكماله.. وتابعنا مساء مداخلة الدكتور جمال شقرة مع الإعلامي يوسف الحسيني علي التليفزيون المصري بمناسبة عيد الجلاء ورحيل آخر جندي إنجليزي عن أرضنا وقد أعاد في مداخلة تاريخية ما قاله لنا ذات يوم حيث يروي: "عمر التلمساني قال لي مباشرة وقد التقيته وأنا أعد رسالة الدكتوراه بأننا لن نترك سيرة جمال عبد الناصر مهما حصل ولن نتوقف عن تشويهه وتشويه كل إنجازاته"!
نقف إذن أمام مأساة كبري.. أغلب من هاجموا مجانية التعليم هم من استفادوا منها.. ساروا خلف أكاذيب الأخوان ضد المجانية وفلسفتها في توفير العلم والتعليم للجميع.. ولغير القادرين تحديدا.. وبينهم آلاف مثل علا رفعت.. لقد استغل الإخوان تدهور التعليم بعد عبد الناصر وتقلص مخصصاته وانهالوا بسكاكينهم يهاجمون الفكرة والمبدأ.. كان طبيعيا أن يؤيد الأغنياء طرح الإخوان ومعهم حزب الوفد مثلا ويروجون لذلك في منابرهم الإعلامية وصحفهم لكن المدهش أن يؤيد ذلك وبغير أي وعي المستفيدون منها المتعثرون في تدبير تكاليف تعليم أنفسهم وبحجج وفزلكات عجيبة ومدهشة!
مجانية التعليم
الآن.. ومع وافر الاحترام لكل من ساعدوا علا رفعت إعلاميا وماديا وكل التحية لضميرهم وأخلاقهم (الإعلامية المحترمة عزة مصطفي وآخرين).. لكن هل سيبقي هؤلاء الشرفاء غير القادرين تحت رحمة الظروف وفي انتظار استجابة الجمعيات الخيرية وأهل الخير؟ هل سيجد الفقراء في بلادنا مكانا لهم تحت شمس وطنهم بالتبرعات؟! وماذا عن كثيرين وكثيرات مثل علا رفعت لم يصل صوتهم للمجتمع ولا يريدونه أن يصل ولا يريدون أن يعرف عنهم المجتمع أى شيء ولا يريدون إلا أن يتركهم وشأنهم حصلوا علي شهاداتهم بتفوق وتوقفوا عن استكمال مسيرتهم ثم ذابوا في مصاعب ومتاعب الحياة يواجهون مصيرهم؟!
هؤلاء الفقراء لهم نصيب من ثروة بلدهم وكفي هجوما على مبدأ المجانية.. هاجموا -إن صدقتم مع أنفسكم- من أفرغها من مضمونها وأفسد -عبر أربعين عاما- التعليم كله بمناهج منتهية الصلاحية وفشل في مواجهة الزيادة السكانية والحاجة إلي فصول جديدة.. هاجموا من سلم التعليم لرجال المعونة الأمريكية وسمح بتراجع قيمة المعلم والمدرسة منذ عرض مدرسة المشاغبين حتي تجاهل تحية العلم وعدم الاهتمام بمناهج اللغة العربية والتاريخ في المدارس الأجنبية..
هاجموا -إن أستطعم- من سمح بتوريث المواقع الجامعية، وألغي من مدارسنا الحضور والانصراف وأوصلنا إلى ما نحن عليه!
علا رفعت تفتخر بأبيها عامل النظافة.. ونحن نفتخر بعلا وأبيها.. ذلك الذي ربي وكبر من عرق يده ومن ماله القليل.. لكنه حلال في حلال.. رفع رأسه ورسم البسمة العريضة التي من القلب علي وجهه وعوضته أيام العذاب والشقا!