رئيس التحرير
عصام كامل

نعم مصر تستطيع بالعلم

لا يحتاج الأمر إلى أى مجهود كى نقول إنه لا تقدم بدون تعليم متميز وبحث علمى وتقدير لقيمة العلم والعلماء.. فالتعليم والثقافة صناعة ثقيلة لا تظهر نتائجهم إلا بعد حوالى 20 عاما على الأقل. ونحن بدأنا منذ آلاف السنين قبل الجميع والنتيجة إنجازات مازالت بيننا حتى الآن.. وفى العصر الحديث بدأ محمد على عصر النهضة ومازالت آثارها شاهده حتى الآن.. وفى الستينيات من القرن الماضي كرر الموقف الزعيم جمال عبد الناصر ومازالت آثارها حتى الآن.. والآن يكرر الرئيس عبد الفتاح السيسى المحاولة والتي بدأت بانقاذ كيان الدولة إلى ما نراه الآن من جمهورية جديدة ستزدهر بالعلم والبحث العلمى والثقافة.

المحاولة بدأت لكن علينا جميعا مساندته بأفكار العلماء وأهل الخبرة والتجارب في الداخل والخارج.. لم يعد الأمر من الأسرار الكونيه فالمناهج العلمية موجودة والامكانيات التكنولوجية يمكن أن تعالج نقص الإمكانيات المادية والتفكير خارج الصندوق يمكن أن يأتي بثماره.. وإذا كانت تجربة بناء العقول أصعب بكثير من بناء المصانع والمنشأت لكن بدونها لن يستمر التطور أو الحفاظ على المنجزات، لذلك أتمنى أن يخصص مؤتمرا علميا بعنوان مصر تستطيع بالعلم والبحث العلمى لوضع روشته العلاج وخطة العمل.
 
 

شرق آسيا


"وماحدث في شرق أسيا من تقدم كان العلم والتعليم المرتكز الأساسى فيه.. فالنجاح والفشل في أعرق تجربة اقتصادية وأكثرها ديناميكية في العالم" عبارة لخصت مضمون كتاب أسرار الإزدهار والفشل الآسيوي للكاتب جو ستادويل والصادر عن دار غروف، وترجمة وائل بدر الدين، والكتاب حائز على جائزة أفضل كتاب اقتصادي لعام 2014 من شركة جولدمان ساكس بالتعاون مع فاينانشل تايمز..

 
فلاشك أن سر نجاح النمور الآسيوية خلال العقدين الأخيرين من القرن الماضي دفعت الكثيرين في الغرب الصناعي للاعتقاد بأسطورة المعجزة الاقتصادية لدول المنطقة التي بدت كتلة متجانسة ثقافيًا واقتصاديًا فضلًا عن كونها عملاق تنمية.


حيث يفند جو ستادويل أداء اقتصادات تسع دول آسيوية هي اليابان، وكوريا الجنوبية، وتايوان، وإندونيسيا، وماليزيا، وتايلاند، والفلبين، وفيتنام، والصين، بالتحليل المكثف لتفضح زيف التضليل الغربي وتوضح حقائق ما جرى ويجري في آسيا، وسر ذلك النجاح الذي أحرزته بعض دول القارة والفشل الذي منيت به دول أخرى.


ويعرض الكتاب بالتفصيل والمقارنة لعدد من أهم العوامل المؤثرة في النجاح الذي أحرزته تلك المجموعة من الدول وهي غالبا في الجنوب الشرقي الآسيوي مقابل معوقات نمو المجموعة الأخرى الواقعة شمال غرب القارة. وركز الباحث على التعليم وأنماطه والملكيات الزراعية وطرق تفعيل أسالب الإنتاج الزراعي لتصب في صالح دعم النمو الصناعي.


جودة التعليم 

 

لا يمكن أن يكون العجز في التدريب المهني والمهندسين إلا جزءًا بسيطًا من توضيح البطء الذي لازم أداء دول جنوب شرق آسيا في القطاع التعليمي. وبداية فإنه قد تم تدريب معظم المهندسين في شمال شرق آسيا بعد بداية النمو الاقتصادي. وحققت اليابان طفرتها الصناعية بواسطة عدد قليل من مهندسيها، حيث بدأت الدولة في العام 1930 في التركيز أكثر على التعليم الخاص بالتدريب المهني والفني. 

 

وخلافًا لذلك وفي دول مثل كوبا وروسيا فلم تتم الاستعانة بالمهندسين فيها على نحو كبير ما أدى إلى انخفاض النتائج المرجوة منهم. ويتمثل الجانب الثاني الأكثر أهمية في أن البيانات الخاصة بالتعليم النظامي والتنمية ليستا متسقتين تمامًا. حيث إن التعليم الحقيقي في أنجح الدول النامية لا يكون ضمن النظام التعليمي الحكومي، بل يكون في مؤسسات أخرى خاصة.


وساعد التعليم الداخلي في المؤسسات في توضيح الإخفاق الذي ارتبط بالاتحاد السوفييتي سابقًا، وهي الفترة التي كان فيها التركيز على الاستثمار في التعليم والبحوث منصبًا على الجامعات المتميزة ومعاهد الأبحاث التابعة للدولة بدلًا من أن يكون ذلك داخل المؤسسات نفسها. ولم يكن ذلك الوضع مختلفًا عما هو عليه في منطقة جنوب شرق آسيا التي تبنت نهجا يمزج بين كل من التقاليد الأنجلو ساكسونية في التعليم النخبوي العالي مع التوسع الكبير في مؤسسات البحث العامة في مرحلة ما بعد الاستقلال.

 

وخلافًا لذلك ففي الصين بعد العام 1978 وكوريا فلم تركز الاستثمارات التعليمية والبحثية الفعالة على التعليم النظامي الحكومي بل إنها كانت في الشركات والمؤسسات، وخصوصا التي كانت تمتلك معايير المنافسة أو التي كانت في وضع تنافسي قوي عالميا. ويمكن أن يكون ذلك حاسما في الاكتساب المتصاعد للقدرات التكنولوجية، وهو ما تحدث عنه العالم الياباني ماسايوكي كوندو عند وصفه لإخفاق ماليزيا في تطوير طاقات تكنولوجية على الرغم من الاستثمارات الكبيرة في التعليم العالي والأبحاث.. 

 

وجاء في وصف العالم الياباني أن الشركات هي العامل الرئيسي في التطور التكنولوجي وليست المؤسسات الحكومية. ومن المؤكد أن سياسة التكنولوجيا هي مفتاح المراحل الأولى من التقدم الصناعي، وعليه فإن الاستراتيجية الصناعية التي تتبناها الحكومة هي العامل الأكثر أهمية في النجاح. فإذا لم تقم الحكومات بإنشاء كيانات تُعنى بمحركات التعليم الصناعي فإن كافة الجهود المبذولة في التعليم الحكومي ستكون مجرد مضيعة للوقت. 

 

 

ويبقى التنبيه الوحيد في أنه إذا ما وصلت الدولة إلى مستويات معينة من التطور الصناعي فإن الخليط التعليمي الأمثل والعلاقة بين كل من المؤسسات التعليمية الحكومية ونظيراتها في الشركات تتغير باستمرار.
ونحن نستطيع بعزم أولاد مصر أن نكون بحق أحفاد الفراعنة الذين صنعوا تقدما مازالت أسراره حتى الان يعجز العقل الحديث عن التوصل إلى مفاتيحه. باختصار.. نعم نستطيع.   
yousrielsaid@yahoo.com

الجريدة الرسمية