رئيس التحرير
عصام كامل

نعم...مصر تستطيع بالزراعة!

بعد مؤتمر مصر تستطيع بالصناعة الذى اختتم أعماله الأسبوع الماضى.. لماذا لا يكون هناك أيضا مؤتمر بعنوان مصر تستطيع بالزراعة.. ومؤتمر ثانى مصر تستطيع بالتعليم والبحث العلمى.. ومؤتمر ثالث بعنوان مصر تستطيع بالاقتصاد.. أقصد مجموعة مؤتمرات نوعية متعددة في كافة المجالات يكون هدفها وضع استراتيجيات المستقبل القريب والبعيد وتكون توصياتها دليل وخريطة عمل  للحكومة خلال الـ30 سنة القادمة.. ومن المهم أيضا دعوة العقول المصرية في الداخل والخارج مع الخبرات والتجارب الأجنبية الناجحة على طاولة الحوار العلمى الدقيق.

 
نعم بدأنا.. لكن الطريق طويل ورحلة الألف ميل بدأت بخطوة لكن الإصرار والإرادة لابد أن يكونا ركيزة السير في هذا الطريق والإنسان المصرى هو الهدف وحجر الأساس، فلن تفلح  الف حكومة في عملها إذا لم تكن مدعومة بالمواطن وإيمانه بالهدف والحلم.. وعلى سبيل المثال إذا بدأنا بمصر تستطيع بالزراعة، ورب ضارة نافعة.. أقصد الحرب الأوكرانية الروسية على سبيل المثال التي جعلت الأزمة كاشفة ومحفزة للعمل الجذرى.. فتوقف تصدير القمح والذرة والزيوت والعديد من المواد الغذائية من البلدين المتحاربين لدول العالم مما جعل الأزمة تنتشر في كل مكان.

 
والمسألة لا تقف فقط عند المواد الغذائية لكن أيضا للمنتجات الصناعية والغاز والبترول والحديد والصلب مما جعل أوروبا تصرخ والكل يصرخ معها لتظهر على الساحة حقائق مخفية وهي أن روسيا وأوكرانيا يشكلون سلة غذاء العالم بنحو 30% بالإضافة إلى النفط والغاز وخلافه.

 

الاكتفاء الذاتي


وما يهمنا في مصر أن ناقوس الأزمة جعلنا نتيقن من أهمية سياسات بدأنا تنفيذها أو مخطط لها أو ننادى بها.. أقصد أن جناحى الزراعة والصناعة لابد منهما معا ليعطيا لحركة التنمية ديناميكيتها أو قل أساسها.
 

نعم، بدأ الرئيس عبد الفتاح السيسي التحرك منذ فترة وما يفعله الأن  يفوق الخيال ويقترب من المعجزة إذا وفقنا الله إلى النجاح فيه.. كيف؟ 
أن يخطط  الرئيس لزيادة الأرض المستصلحة لأكثر من 2.5 مليون فدان تفوق ربع مساحة مصر المزروعة الآن وما تم استصلاحه في نحو 500 سنة.. أليس هذا بمعجزة؟! ولا يكتفى الرئيس السيسي بذلك ولكن إستخدام تكنولوجيا الصوب والتقاوى.. ليجعل ما يتم إنتاجه الآن مضاعفا لما يزيد عن 3 أضعاف و5.. الخ مع الاستخدام الأمثل للمياه.. أليس هذا بمعجزة.. أليس تحقيق الإكتفاء الذاتي من القمح إن تم بمعجزة.

 
والحكاية ليست للاستهلاك والشو الإعلامي كما تعودنا في سنوات سابقة لكن بدأت بعض الآثار تظهر على السطح بعد محاولات مستمرة منذ تولى الحكم..  ظهرت بعض الملامح منذ شهور قليلة وتكثف الإعلان عنها في الفترة الأخيرة بافتتاح مشروع مستقبل مصر للإنتاج الزراعي وقبله بإعادة الحياة إلى مشروع توشكى الذى توقف العمل به لسنوات.. الخ من مشروعات.

 
الجديد الذى توقفت أمامه وأقول: "رب الحرب الروسية الأوكرانية.. نافعة" إن  توجيهات الرئيس لوزير الزراعة وكل الأجهزة المعنية بسرعة الانتهاء من هذه المشروعات وحدد نهاية العمل عام  2023 لمشروع مستقبل مصر للإنتاج الزراعي على سبيل المثال ليضيف نحو مليون و500 ألف فدان.. والأمر كذلك في الدلتا الجديدة ووسط سيناء وبني سويف والمنيا.. الخ، والأمر كذلك في الثروة السمكية..

 
والحكاية جد خطيرة، فإذا لم نوفر الغذاء أصبحنا في مأزق شديد، ويكفي أن نرى من لديهم الأموال الآن عاجزين عن الاستيراد فما بالك لو كنا لا نملك مثل هذه الثروات، باختصار ليست أمامنا رفاهية الوقت لابد من العمل الجاد في الزراعة ومعها الصناعة الثقيلة وفى مقدمتها الحديد والصلب للخروج من الوضع الصعب الذى نعيشه..

  
والمسألة ليست صعبة ولكنها تحتاج إلى تكاتف كل الجهود لتحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح بزيادة المزروع من الأراضي، فضلا عن اتخاذ سياسات محددة تعوض الفلاح بعدم زراعة محاصيل أخرى أكثر كسبا والاستفادة من التطور العلمى الذى يتيح استزراع القمح في بيئات مختلفة وبمياه قليلة.. الخ من تقنيات، فالقمح والذرة أمن قومى، ولا بد من اتساع مساحات الحلم أمامنا بالعمل على أن تكون الزراعة مصدرا للدخل القومى.. كيف يتم ذلك ؟ 


هذا هو دور الخبراء والعلماء والحمد لله مصر غنية بهم فضلا عن أن الخبرات الأجنبية موجودة.. وطبعا ستكون عيوننا على التصنيع الزراعى، يعنى بدلا من تصدير الإنتاج الزراعى في صورته الأولية في بعض المنتجات علينا أن نعظم العائد منه  بالتصنيع.. والتصنيع يعنى مصانع وأيدى عاملة وحياة تدب في جسد الاقتصاد، فلابد من اتخاذ سياسات مشجعة وحمائية للفلاح المصرى مثلما تفعل الدول الكبرى حتى تكون الزراعة عندنا محمية من تقلبات السياسة الدولية التي تهددنا بالجوع من جهة وأن تكون ركيزة للاقتصاد الوطنى من جهة ثانية.
 

 

تعالوا نعيد الاعتبار للمثل المصرى القديم إن فاتك القمح اتمرغ في ترابه! نعم هذا معنى المثل الشهير "إن فاتك الميري اتمرغ في ترابه" قبل أن يحرف معناه بعد الاحتلال العثمانى لتحفيز الناس على الانخراط في كل ما هو ميري أي حكومي وإن لم يحدث فالتمرغ في ترابه مطلوب بحثا عن الاستقرار.
yousrielsaid@yahoo.com

الجريدة الرسمية