ما بعد العفو الرئاسي
قرار الرئيس السيسي الخاص بإحياء لجنة العفو السياسي هو أهم القرارات السياسية التى شهدتها البلاد مؤخرا.. ويعزز ذلك أن لجنة العفو الرئاسي بدأت على الفور ودون إبطاء أو تلكوء أعمالها، وبدأ عدد من المحبوسين في قضايا سياسية يخرجون من السجون بالفعل، وقوبل ذلك بترحاب وإرتياح داخل البلاد وخارجها أيضا.
وبذلك جاء قرار إحياء لجنة العفو الرئاسي ليكون بمثابة أفضل تمهيد للحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس السيسي قبل أسابيع قليلة مضت، فهو يسهم في إشاعة مناخ يشجع على إطلاق هذا الحوار ويزرع الثقة في نفوس المشاركين فيه بخصوص جدواه وضرورته وأهميته لنا في هذا التوقيت تحديدا الذي تتراكم فيه التحديات العديدة أمامنا ويتصدرها التحديات الاقتصادية الصعبة.
ولذلك يراهن كثيرون على دور لجنة العفو الرئاسى الآن ليس فقط لإغلاق ملف قضايا سياسية عديدة وتحقيق تهدئة سياسية ومجتمعية، وإنما الأهم لتنشيط الحياة السياسية في البلاد وإعادة الإعتبار للسياسة والعمل السياسى، والتخلص من حالة الفتور السياسى في ظل الإنشغال بمواجهة التحديات الاقتصادية خلال السنوات الماضية.. ويتطلع الكثيرون بذلك إلى أن تحقق تلك اللجنة بعد إعادة تشكيلها نجاحا في عملها.
وأكبر نجاح يمكن أن تحققه تلك اللجنة الآن هو أن تجعلنا لا نحتاج إليها مستقبلا، وذلك بعد إعادة صياغة قواعد العمل السياسى وتوسيع نطاقه وتوسيع مساحة ودرجة القبول بالاختلاف السياسي والتعامل مع المختلفين سياسيا بوصفهم منافسين وليسوا أعداء مكانهم السجن.
إن دور لجنة العفو الرئاسي مهم جدا الآن، وهذا ما نراه الآن من نتائج بواكير أعمالها.. لكن الأهم من هذا الدور هو ما بعده.. وهذا ما يتعين علينا أن نبحثه ونتوافق عليه في الحوار الوطني الذى أطلقه الرئيس السيسي.