أوروبا تعض يدها !
في ذات اليوم الذي قرر فيه الإتحاد الأوروبى خفض الإستيراد الأوروبى للنفط الروسي بنسبة ٩٠ في المائة حتى نهاية العام الحالى، قررت فيه روسيا وقف صادرات الغاز إلى هولندا لرفضها دفع ثمنها بالروبل الروسي. وهنا يمكننا أن نستنتج أن العقوبات الاقتصادية التي تمضى أوروبا في فرضها على روسيا تطالها هي أولا قبل روسيا.. أى إنها لا تعض أنامل روسيا بهذه العقوبات وإنما تعض يدها أولا!
ولعل هذا يفسر لنا لماذا إقتصر تخفيض الواردات الأوربية من النفط الروسي على النفط المنقول فقط عبر سفن وليس عبر الأنابيب الذى تعتمد عليه المجر.. وأيضًا لماذا إقتصر التخفيض على الزيت وليس الغاز الروسي الذى تعتمد عليه بنسبة كبيرة أوروبا كلها وليست المجر وحدها.
إن أوروبا تحت ضغط الولايات المتحدة تمضى في نهج فرض العقوبات الاقتصادية على روسيا لإجبار بوتين على وقف الحرب، ولكنها تتضرر ذاتها من هذه العقوبات ولذلك تتحسب الخطى في فرض المزيد منها، خاصة وأن كل ما فرض من عقوبات اقتصادية أوربية وأمريكية على روسيا لم تجعل بوتين يوقف الحرب، بل إنه إقترب من تحقيق هدفه الخاص بالسيطرةَ على إقليم الدونباس بالكامل كما تشير التقديرات الامريكية ذاتها.. أى أن أوروبا تدفع ثمنا باهظا لتحقيق هدف صعب المنال، ولن ينالها في نهاية المطاف سوى الأذى المباشر، خاصة وأنها ساحة لهذه الحرب.
اما الروس فإنهم رغم التكلفة الاقتصادية لهذه الحرب فإنهم ماضون في تحقيق أهدافهم العسكرية والاستراتيجية ويستخدمون كل ما فى حوزتهم من أسلحةَ بما فيها سلاح الطاقة وأيضًا سلاح الغذاء.. فضلا وأنه تراكمت لديهم خبرات منذ إستعادة جزيرة القرم في التعامل مع العقوبات الاقتصادية الأوروبية والأمريكية في ظل عدم قدرة الأمريكان على تعميم هذه العقوبات عالميا وإقناع كل دول العالم بالاشتراك فيها، لآن هناك دول كثيرة تربطها مصالح مباشرة مع روسيا تحرص عليها.