السياسي والأمني!
الدولة، أى دولة، تحتاج لرجل السياسة ورجل الأمن معا.. هى تحتاج رجل الأمن لحمايتها وتحتاج رجل السياسة لإدارة أمورها في ظل تعدد وتنوع مكوناتها الاجتماعية.. ولا يغنى رجل الأمن عن رجل السياسة.. كما لا يغنى رجل السياسة عن رجل الأمن.. كلاهما دوره مهم وضرورى في الدولة.. والدولة الناجحة المستقرة هى التى توازن بين دور رجل الأمن ودور رجل السياسة.. أما إذا طغى دور أحدهما على الآخر فإن الدولة تتعرض للمتاعب والمشاكل والأزمات أحيانا..
فإن طغيان دور رجل السياسة على دور رجل الأمن يجعل أمن الدولة مستباحا ومهددا من قبل المتربصين بها في الداخل والخارج.. بينما طغيان دور رجل الأمن يضعف صلابة الدولة ويقلص التوافق الوطني ويهدد التماسك الوطني.. فإن رجل السياسة يقبل التعدد في الرؤى والأراء بل ويستفيد منه في حشد القوى الفاعلة والنشطة في المجتمع.. أما رجل الأمن فإنه يتعامل مع مجرمين وخارجين على القانون فإنه يضيق صدره بالأراء المختلفة ويعتبر أصحابها عادة خصوما وربما أعداء يجب عقابهم وتقييد حريتهم لتفادى خطرهم وشرهم!
ولأننا واجهنا تحديات أمنية كبيرة وضخمة فإن دور رجل الأمن تزايد بالمقارنة لدور رجل السياسة.. وغلبت الرؤية الأمنية على الرؤية السياسية.. وها هى دعوة الحوار الوطنى التى وجهها الرئيس السيسي مؤخرا تأتى لتمنحنا فرصة لإعادة التوازن مجددا بين ما هو أمني وما هو سياسي.. وعلينا أن نستثمر هذه الفرصة خير استثمار بالانخراط في حوار جاد وموضوعي حول كل قضايانا المهمة والأساسية، والتحديات المختلفة التى تواجهنا.
والاستجابة الواسعة بين قوى ومؤسسات المجتمع لدعوة الحوار الوطنى تفتح أمامنا باب الأمل في إمكانية تحقيق أكبر توافق وطني على خارطة واضحة للمستقبل نحقق فيها إصلاحا سياسيا وتنمية مستدامة وعدلا اجتماعيا ونهضة ثقافية.