رئيس التحرير
عصام كامل

المصالحة المسمومة!

كل حكام مصر منذ تأسيس جماعة الإخوان عقدوا معها مصالحات، معلنة أو غير معلنة، ومع ذلك لم يسلموا من غدرها وشرها.. بعد أن إشتد عودها تعاون معها الملك فاروق في مواجهة حزب الوفد،  لكن ذلك أغراها بالطمع السياسى فوافق الملك على حل النقراشي لها عام ١٩٤٨،  ثم عاد بعد عام واحد ليسمح لها بالنشاط مجددا، وبعد عامين أيدت الجماعة عزل الضباط الأحرار للملك ونفيه خارج البلاد. 


ومد جمال عبدالناصر يد التعاون للإخوان بعد تولى السلطة لكنهم طالبوا بالوصاية الكاملة على الحكم الجديد، ثم دبروا محاولة لاغتياله في الخمسينات. وبعد أن حل الجماعة وحظر نشاطها داخل البلاد وإعتقل قادتها راجع نفسه في الستينات وبدأ في الإفراج عنهم، وكان من بينهم سيد قطب الذى أشرف على إحياء التنظيم السرى المسلح للإخوان وأعد خطة لإغتيال عبدالناصر وتفجير عدد من المنشات من بينها القناطر الخيرية. 
 

وعندما اعتلى السادات الحكم شرع في التعاون مع الإخوان بعد أن أفرج عن قادتها وذلك لمواجهة اليسار في الجامعات، لكنهم انقلبوا عليه فيما بعد ولم يتنبه لذلك إلا متأخرا، وأغتيل قبل أن يحاسبهم.. أما مبارك فإنه رغم تمسكه بإنها جماعة غير مشروعة إلا أنه فتح للإخوان أبوابا واسعة للنشاط  في النقابات ثم الأحزاب والبرلمان، وبعد اندلاع انتفاضة يناير سعى لإبرام صفقة معهم إلا أنهم لم يستجيبوا ودعموا الإطاحة به ومحاكمته وكانوا يريدون بقاءه في السجن حتى أخر يوم في حياته.

 


وخلال الفترة الانتقالية الأولى التي تولى فيها المجلس العسكرى إدارة شئون البلاد فقد تآمرت الجماعة على المجلس رغم أنه مد يد التعاون لها مبكرا.. وهذا ما حدث أيضا في المرحلة الانتقالية الثانية حيث مد الرئيس المؤقت يد التعاون للجماعة لكنها رفضت وأصرت على التوسع في ممارسة العنف.. وهكذا كانت دوما على مدار تسعة عقود، المصالحةَ مع الإخوان مسمومة.        

الجريدة الرسمية