أسوار حول الحوار الوطنى!
إذا أردنا للحوارالوطنى الذى دعا إليه الرئيس عبد الفتاح السيسي النجاح علينا أن نبتعد عن الصخب والتشكيك، والتأييد والتخوين والتهوين وتفتيش النوايا.. علينا أن نحدد في البداية الهدف من هذا الحوار ونحاول أن نصل إلى إجابة متوافق عليها.. فإذا كانت الإجابة هي أننا نريد النهضة بالمواطن المأزوم والوطن المحاط بالأزمات والتحديات والمؤامرات. وكان الإنسان حاضرا بمشاكله وأناته.. سيكون النجاح ليس بالصعب أو بالمستحيل بالنسبة لضربة البداية..
طبعا سيختلط السيناريو المتوقع في هذا الحوار المرتقب إن لم يرتكز على مرتكزات حقيقية بهذه المشاهد، مكلمة كبيرة ومباراة كبيرة في إثبات الولاء، اختلاط النقاش الحقيقى بالمغرض، الصحيح بالمرضى، ضياع أحلام بديمقراطية حقيقية من خلال معارضة وطنية غير مغرضة ويسعى أى نظام ديمقراطى لإقامتها ورعايتها حتى يصل الوطن لغايته من التقدم والاستقرار، ومحاولات انتهازية للخروج ببعض المكاسب والمغانم لبعض المشاركين.
أسئلة حول الحوار
لذلك أعتقد لتجنب هذه الملحوظات من جهة، وإذا أردنا أن يكون النجاح حليفنا بحق وحقيقى وبدون مزايدة من جهة أخرى أن يكون المواطن البسيط هو هدفنا جميعا بدون تعال أو استغلال أو دغدغة مشاعر، لأن المواطن في الشارع لا يشغله الآن سوى لقمة العيش وتدبير احتياجاته الضرورية لتحقيق الحد الأدنى من الكفاف، لا يهمه أحزاب أو معارضة أو حتى حكومة، يهمه فقط من ينقذه الآن!
لذلك أتصور أهمية الإجابة عن العديد من الأسئلة عن شكل الحوار وأطرافه وأجندته والمناخ الذي سيمارس فيه. فهل سيكون في شكل جلسات عمل، أم حوارات ثنائية أم جماعية، أوراق عمل ودراسات أم مناقشات وكلام لا يزيد عن طق حنك كما يقول الشوام أو فضفضة، جلسة واحدة أو جلسات متعددة، هل في شكل ندوات أم مؤتمرات حول كل محور من محاور الحوار؟!
والسؤال المهم هل يوجد من يضع أجندة للحوار ومن يحدد موضوعاته أم سيترك الأمر للظروف، يعنى هل ستكون هناك أجندة عمل وفكر أم مجرد فضفضة؟ والسؤال الذى يطرح نفسه عن المناخ الذي سيمارس فيه الحوار.. هل سيكون شفافا أم ملتبسا، علميا أم انطباعيا، بين محترفين للإنقاذ أم بين مشعلى الأزمات؟! وهل ستجد توصيات هذا الحوار طريقها للتطبيق أم ستلقي في الأدراج أو علي أرفف المكتبات؟!
أسوار كبرى
دعونى أقولها بلا مواربة، هناك أسوار كبري الآن بين الحكومة والمواطن، فالأحزاب غائبة أو مغيبة، موجودة بحكم القانون ولكنها ميتة في الشارع ليس لها وجود على الأرض.. بإختصار واقع الأحزاب التقليدية أو المستنسخة، أحزاب الشعارات والحناجر وأحزاب الكراتين ورجال الأعمال الجدد.. كلها بلا إستثناء لا وجود لها بين الناس ولا يراها أحد في الشارع بعيدا عن بعض الافتات لحزب واحد.
لذلك بصراحة لا يمكن لهذه الأحزاب أن تتحدث عن مواطن لا تعرفه، ووجودها في الحوار مشروط بما تقدمه من رؤى وأفكار مستقبلية وعملية بعيدا عن دغدغة المشاعر أو انتهازية المغانم والمكاسب الأنية أو حتى العزف على أوتار بعض المشاكل مثل الإفراج عن السجناء السياسيين..
وبمناسبة هذه القضية وإذا كان الأمر جد وخطير كما يرى البعض، فالأهم من وجهة نظرى ليس الإفراج عنهم فحسب بل مهم جدا أن يتم ذلك وفق قواعد موضوعية عادلة، الأهم من وجهة نظرى هو العمل على عدم تكرار ذلك مستقبلا من خلال تعديلات تشريعية سريعة على قانون الإجراءات الجنائية للتعامل مع المحبوسين احتياطيًا ومن بينهم سجناء الرأى.. وطبعا هناك فارق كبير بين حرية الرأي والتعبير وحرق الوطن بالعنف والدم والسلاح.. فالحرية للفكر والتعبير، والأمن وقبضته للعنف والإرهاب والسلاح والدم.
مؤتمرات متخصصة
أعتقد أن الحوار لابد أن يكون مظلة كبرى وراية لعدة مؤتمرات علمية متخصصة في الشئون السياسية والاقتصادية والدينية والاعلامية والاجتماعية دون تجزئة أو انتقاء، ويحضرها ويشارك فيها المتخصصون الحقيقيون، لنرى جميعا ويرى صانع القرار مباراة بين الأفكار الجادة ووالرؤى المبتكرة بعيدا عن أصحاب الأجندات أو الوجوه المحروقة في هذه المجالات، لآن مصر الحقيقية ليست هؤلاء المتصدرين للمشهد وفي مقدمتهم الصحافة والإعلام.
المهم أن ندخل الحوار جميعا بأفق مفتوح وبدون شروط وأفكار مسبقة ترفض ما عداها مسبقا، وألا يتعمد أحد أو نسمح لأى من المشاركين لجرالنقاش لاتجاهات تتفق ووتصوراته وحده، أو بغرض الخروج بمكاسب وغنائم شخصية، وفي المقابل على الحكومة ألا تتورط واتباعها في لي عنق الحوار لإستخلاص النتائج مسبقًا، وإضفاء شرعية على سياسات ليست محل إتفاق من الجميع..
المهم أن نخرج بالتوافق وليس الاتفاق، فنحن بصدد حوار بين العقول والأفكار وليس توقيع اتفاق أو معاهدة، وأخيرا أتمنى من المكلفين بتقديم الدعوات أن يحرقوا أجندة تليفوناتهم الحالية ويعدون أجندة تليفون جديدة بوجوه غير محروقة وأقلام لم يجف مدادها وعقول نابضة بالفكر والحياة والرؤى..
وللحديث بقيه
yousrielsaid@yahoo.com