بيوتنا جزر معزولة!
لا أحد يسمع أحد، الكل غارق في ذاته، والجميع يشكو الجميع، الآباء يعتقدون أنهم أدوا رسالتهم على أكمل وجه طالما إنهم يؤمنون احتياجتهم المادية، ولكن الأبناء في أمس الحاجة إلى من يستمع إليهم ويتعرف بحب وصبر واحتمال وهدوء على أحلامهم وأفكارهم دون وصاية أو تسلط أو قمع! وتظل الكارثة الصامتة تتفاقم وتنتفخ تدريجيًا مثل البالون الضخم حتى تأتي لحظة الانفجار وساعتها لن ينفع الآباء الندم والبكاء!
ونحن في زمن التكنولوجيا الحديثة والمتطورة زمن الإنترنت وكل وسائل التواصل الاجتماعي بكل ضجيجها وصخبها وبالذات غرف الشات المباشرة لتزيد المشهد ارتباكًا والشعور بالقلق والخوف على أبنائنا، فيتحدث الطرفان المقيمان في البيت الواحد كغرباء، الآباء والأبناء، بطريقتين إحدهما تنتمي إلى جيل سبعينات القرن الماضي والأخرى إلى الألفية الثالثة.. وهنا الإختلاف في الفكر والثقافة والتقاليد الاجتماعية والدينية، وهنا ندق جرس الإنذار وناقوس الخطر..
حوار مفتوح
أولًا، نتوجه إلى أبناء الصمت ليخرجوا عن صمتهم حتى نتعرف منهم على أبعاد المشكلة القائمة وكيف ينظرون بغضب إلى علاقتهم المتوترة بآبائهم، نعم الكثير يشكو بمرارة من عدم التواصل مع الآباء ومنهم يشكو من ضعف التواصل والتفاهم معهم وهذا هو السبب الرئيسى فى السعى إلى إقامة الحوار المفتوح والود والتفاهم مع الأصدقاء! لترمى همومهم على بعضهم البعض ويستمع كل منهما إلى أحلام وطموحات الآخر بعد أن تحولت بيوتنا إلى جزر معزولة لا يبالى سكانها ببعضهم البعض بسبب فقد الحب والود والتفاهم الذي كان يملأ بيوت أسلافنا!
وليس بالضرورة أن يكون هذا صحيحًا على طول الخط.. ونحن لا ننكر أن هذا الوضع الغريب قد يؤدي بالجميع إلى مشكلة يصعب حلها عندما تزيد الفجوة بين الطرفين، كما أننا لا ننكر أن الحوار المفتوح مع الآباء يدعم العلاقات الأسرية وقد يساعدنا على تجنب مشكلات ومخاطر كثيرة في حياتنا ونحن في غنى عنها للحافظ على أولادنا قبل فوات الآوان..
والسؤال الذي يطرح نفسه على الساحة الاجتماعية في وقتنًا الراهن: كيف زادت معدلات الطلاق والتفكك الأسرى وأشكال العنف؟ والاجابة ببساطة لغياب التنشئة السليمة، حتى خرج للمجتمع أجيال غير أسوياء لديها بعض الاضطرابات النفسية، فلا تستطيع هذه الأجيال تكوين أسرة مستقرة هادئة، وللأسف تحول الحب الذي تم به الزواج إلى عنف جسدي ومعنوي ونفسي واجتماعي وقضايا في المحاكم شئ مؤسف! ولم يتوقف الأمر عند ذلك للأسف الشديد! بل وقع الأبناء فريسة لأصدقاء السوء لآن المعاشرات الرديئة تفسد الأخلاق الجيدة..
والسبب الرئيسي في ذلك قسوة وإنشغال الوالدين عن الأبناء بسبب السفر أو العمل أو الأنفصال، وعدم مشاركتهم في كل أمور حياتهم الشبابية، الاستقرار الأسري مهم جدًا، ففقدان السلام والحنان والعاطفة والاحترام المتبادل وإستبداد الرأى وعدم التعاون والتفاهم المفقود بين أفراد الأسرة داخل البيت الواحد يسبب الحزن وجفاف العواطف وضياع الأبناء لأنهم يشعرون أن آباءهم وأمهاتهم لا يملكون قدرة المسئولية وهنا تحدث الفجوة الكبيرة بين الآباء والأمهات وهنا نستطيع أن نقول آباء وأبناء غرباء في بيت واحد.
ربنا يحفظنا جميعًا ويجعلنا نورًا للعالم وملحًا للأرض الطيبة مصر الحبيبة الغالية على قلوبنا بالثمار الجيد والمفيد لنا وللوطن والمجتمع ويحفظ أولادنا مستقبل الحياة.