رئيس التحرير
عصام كامل

لا بديل عن تعظيم الإنتاج للخروج من أزمة التضخم

الأزمة الاقتصادية التى تواجه البلاد حاليا باتت متشعبة الأركان لأسباب خارجية وداخلية وسوء إدارة أيضا، فموجات التضخم المتلاحقة التى تواجه الأسواق المحلية حاليا لم تكن هى الأولى ولكنها الأشد، رغم أن معدلات التضخم وصلت أقصى معدل لها في 2017 أى قبل نحو خمس سنوات في أعقاب تعويم الجنيه، والذى قفز بسعر الدولار أمام الجنيه من نحو 8 جنيهات إلى أكثر من 16 جنيها مرة واحدة.. 

الرقابة على الأسواق

 

وعليه قفزت معدلات التضخم من نحو 10 % إلى نحو 30 %.. ورغم أن الحكومة بذلت جهدا كبيرا في مساعيها للسيطرة على جنون التضخم خلال تلك الفترة نجحت في خفضه إلى نحو ١٣% خلال عامين ثم العودة إلى معدلاته الطبيعية أو لنقل المعدلات السابقة في حدود 10% إلا أن ضريبة هذه الإصلاحات كانت قاسية وأخطرها فقدان الحكومة السيطرة على إرتفاع حجم الدين العام بشقيه المحلى والخارجى وبالتالى زيادة أعباء خدمة الدين من أقساط وفوائد تستهلك أكثر من ربع الإيرادات العامة المستهدفة بموازنة الدولة سنويا وتحد من السيطرة على زيادة معدلات الانتاج والنمو سنويا.
 

والجميع يعلم أنه لا سبيل للسيطرة على معدلات التضخم إلا بزيادة الإنتاج وإحكام الرقابة الفعالة على الأسواق، وهنا مربط الفرس كما يقولون، وهنا أيضا يمكن أن نتهم الحكومة الحالية بضعف قدراتها على إدارة الأزمة والسيطرة على المشاكل المزمنة لاقتصادنا الوطنى وعلى رأسها تبنى سياسات فعالة لزيادة الانتاجية والدخل القومى للبلاد يمكن من خلالها علاج المشاكل الاقتصادية الأخرى التى يعانى منها اقتصادنا منذ زمن وأهمها خفض حجم الدين العام وأيضا خفض نسبة عجز الموازنة العامة، ومن ناحية أخرى تفعيل حزمة القوانين التى تصدر تباعا لأحكام السيطرة على الأسواق وتوفير المنافسة العادلة ومنع الغش والتدليس وجشع بعض أباطرة التجار المتحكمين في تجارة السلع المستوردة على وجه الخصوص.


زيادة الإنتاج

 

إذا الحل والعلاج الشافى لأزمة اقتصادنا لن تكون إلا بزيادة انتاجنا الصناعى والزراعى ولا بديل إلا بتشجيع القطاع الخاص على الإستثمار وإزالة العوائق أمامه، مع كامل التقدير لما قامت به أجهزة الدولة في هذا المجال خلال السنوات القليلة العصيبة الماضية لإفشال المخطط الخارجى المعادى الرامى لإفشال الدولة وحصارها بالأزمات الاقتصادية المتلاحقة وأخطرها إحداث إختناقات سلعية حادة بأسواق السلع الاستراتيجية والأساسية على وجه الخصوص.


وبالرغم من ذلك نقول ونلح لابديل عن إعادة النظر في دور القطاع الخاص محلى وخارجى وإعادة تنظيمه وترشيده وإعادة الثقة فيه من جديد وعلى أسس واضحة أساسها المنافسة العادلة وضرب قوى الإحتكار وإستغلال النفوذ بيد من حديد وبالقانون.
 

وفي هذا الاطار وفي ظل تدنى حجم الاستثمارات الاجنبية خلال السنوات الماضية وإتجاه التدفقات الجارية على مجالات الإستثمار في الخدمات المالية وبورصة الأوراق المالية لا مانع من تشجيع الإستثمار العربى كبديل ومورد هام للنقد الأجنبى ودعم إنشاء المشروعات الجديدة شريطة التركيز على مجالات تخدم زيادة قاعدة الناتج المحلى زراعى وصناعى على وجه الخصوص بما يساهم مساهمة فعالة في علاج المشاكل المزمنة لاقتصادنا الوطنى وعلى رأسها أزمة التضخم وأيضا أزمة البطالة بآثارها الاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة منذ سنوات.


ومن هنا ندعو لترشيد المساعى العربية الأخيرة وعلى رأسها الخطوة التى اتخذتها بعض الصناديق السيادية السعودية والقطرية والإماراتية من خلال إعلانها ضخ استثمارات ضخمة في مصر خلال الفترة المقبلة تصل قيمتها إلى نحو 22 مليار دولار إستثمارات وتمويلات لمصر.. 

 

 

مقسمة بين 5 مليارات دولار أودعتها المملكة العربية السعودية في البنك المركزي المصري، و10 مليارات أخرى يضخها الصندوق السيادي السعودي، و5 مليارات دولار تعتزم قطر استثمارها في مصر، و2 مليار دولار من صندوق أبو ظبي السيادي لشراء حصص في شركات مدرجة بالبورصة المصرية، ليكون الجزء الأكبر منها فى خدمة خطط التنمية فى المجالات الانتاجية الصناعية والتجارية لتعظيم دورها في خدمة أهداف خروج الاقتصاد الوطنى من أزمته الراهنة.. 

وللحديث بقية إن كان فى العمر بقية إن شاء الله.

الجريدة الرسمية