عماد الفقي وصحافة الفوضى
قبل سبع سنوات تقريبا، وفي الخامس من يونيو عام 2015، نشرت هنا مقالا بعنوان أكذوبة مقتل شيماء الصباغ، والآن تتكرر الظروف بنفس التطابق المقصود في واقعة وفاة زميلنا الصحفى بالأهرام الأستاذ عماد الفقي رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.
كانت الصدمة كبيرة لعائلة الزميلة شيماء الصباغ معدة البرامج الفضائية وشقيقة زميلنا الصحفي ورسام الكاريكاتير محمد الصباغ، حينما استسهل محررون البحث على جوجل والتقاط صورتها ولصقها على خبر استشهاد عضو حزب التحالف الشعبي الاشتراكي رحمها الله شيماء الصباغ، وأصاب الأسرة الهادئة ما أصابها وقتئذ، خاصة والدها الراحل يوسف الصباغ، فقد بلغ الاستسهال والحماقة حد نقل قنوات صورتها من نفس الأخبار الموجودة على المواقع، فتضاعفت الأزمة النفسية لدى فروع العائلة بكافة أماكنها.
كنا ندافع وقتئذ عن حق القاريء في الوصول إلى معلومة صحيحة ونوضح له كيف تصنع الأخبار داخل بعض الورش الصحفية التي تعاني مطابخها الفوضى، لكن كثيرين من القراء لم يهتموا بغير عنوان المقال وسادت حالة استقطاب شديدة على السوشيال ميديا حول حق الناشطة الشهيدة في حمل الورود بمناسبة هادئة في ميدان طلعت حرب بوسط القاهرة.
انتهت القضية والأحداث وصدر الحكم القضائي، ولم تنته حالة الفوضى داخل ورش عمل صحفية تتعاظم فيها الأرباح من التريندات والسبق الأحمق المزعوم، ودون مقدمات وجدتني أتلقى العزاءات هاتفيا في الصديق الأستاذ الدكتور عماد الفقي أستاذ القانون الجنائي وقد نشرت مواقع وحسابات صحفية صورته على أنه زميلنا الصحفي بالأهرام الأستاذ عماد الفقي، وما زاد الطين بلة أن حكمت محركات البحث التي تصل بك إلى تلك المواقع على الزميل الراحل بأنه مات منتحرا، دون وجود بيان رسمي عن جهة تحقيق في الواقعة.
بيان نقابة الصحفيين
هذه محررة كتبت منشورا على صفحتها مقترنا بصورة الدكتور عماد الفقي تدعي أنه انتحر، وتركت حسابها وفيه من الأصدقاء المحامين وأساتذة الجامعات مثلا من صدموا بكلماتها، فراحوا يطلبون عائلة الدكتور عماد الفقي ليقدموا لها التعزية في أستاذ القانون الجنائي، وذاك محرر قرر أن يتجاهل أن محرك البحث جوجل قبل نشر خبر حادث الأهرام، لم يكن يصدر لصفحته الرئيسية صور الدكتور عماد الفقي إلا مقترنة باسمه وصفته مع تواجده بين طلابه أو محاضرا في فعاليات مؤسسات دولية وحقوقية أو محللا ومدققا لمواد قانونية على قنوات فضائية متعددة، فأخذ صورة الفقي أستاذ القانون ليضعها على خبر حادث الأهرام.
قس حجم الأسى والتشاؤم لدى أسرة الرجل وهو بين أبنائه ولدى طلاب الجامعات والباحثين الذين ينهلون من علمه خلال ليلة أمس، وربما شماتة أعداء الناجحين وهم كثر في معارك يخوضها الفقي أستاذا ومحاميا وينتصر فيها، وتخيل حجم الخيبة التي وصلت إليها ورش العمل الصحفي ببعض المواقع والتي لم تكلف إداراتها محررا بالانتقال إلى موقع الحادث ونقل أية تفاصيل أدق عنه قبل الاهتمام بنقل الصورة التي تكذب جهودهم في نشر حقائق كاملة.
ثم تخيل شبابا وأطفالا لأسرة وعائلة الفقي مقبلين على امتحانات أو هم في خضم معركتها وقد أصبحوا مطالبين بالانصياع إلى خيال متشائم ناتج عن فعل غير المهنيين من المحررين ورؤسائهم، وبينهم من يقع في قضايا نشر وربما يلجأ إلى الفقي أستاذ القانون الجنائي طالبا حضوره مدافعا متطوعا عنه.
الساعات التي قضيتها بالأمس مع الفقي أستاذ القانون الجنائي كانت مأساوية بالفعل، وربما أخذت الكثير من فرص اهتمامنا بواقعة الزميل الصحفي الراحل عماد الفقي رحمه الله، وقد استمرت الاتصالات الهاتفية حتى فجر الجمعة للاطمئنان عليه وأسرته، بينما لم يفكر أحدهم ممن كتبوا كلمة عن واقعة الزميل الراحل مرجحين رواية انتحاره مسبقا أن ما يتفوهون به يخرج عن اختصاصهم ويتجاوز حق القاريء في الوصول إلى معلومة صحيحة يفترض في ممارسي مهنة الصحافة تدقيقها وإرجاعها إلى مصدر رسمي أولا.
واقعة نشر صورة الدكتور عماد الفقي على خبر وفاة زميلنا الصحفى بالأهرام تستدعي بيانا من نقابة الصحفيين حول الأمر بوجهيه، إساءة استخدام الصورة وتصنيف الواقعة انتحارا قبل صدور بيان جهة تحقيق بشأنها، مع تحرك اللجان النقابية خاصة القيد والتدريب، لإعادة تقييم معايير اختيار طالبي عضوية النقابة ومراجعة أرشيفهم ومراقبة أداء مؤسساتهم على المستوى المهني، ناهيك عن ضرورة مراجعة صحة مؤهلاتهم الدراسية بالتأكيد وهو ملف اختفت سيرته منذ توقف أو إيقاف جهود الزميل الصحفي أبو السعود محمد عضو المجلس الأسبق بشأنه حينما خاض وآخرون معركة تنقية الجداول.
لا أملك سوى الدعاء للزميل الصحفي الراحل عماد الفقي بالرحمة والمغفرة والجنة ولأهله بالصبر والاحتساب، والاعتذار للدكتور عماد الفقي أستاذ القانون الجنائي عن أخطاء وسقطات لا نضمن عدم تكرارها من قبل مواقع وورش الفوضى الصحفية وحسابات أصحابها.