إشكالية الدكتور منصور
لا نكتب هذا المقال دفاعا عن أحد ولا هجوما على أحد، بل نكتب دفاعا عن قيمة ورفضا للترخص! خسر الدكتور أيمن منصور ندا كثيرا بتهجمه الصارخ، في مقال له أخير، علي مجموعة من الأسماء البارزة في المجال الاعلامى، وعلى رئيس المجلس الأعلى للاعلام، وتمت إحالته للجنايات بتهمة السب والقذف كما نشر على صفحته، وسبق أن مثل الأستاذ الجامعى أمام النيابة وسيق بالحديد في رسغيه، وهو ما آلمنا جميعا، وهذا طبيعي فرؤية قيمة جامعية مكبلة بالاغلال منظر يحفر عميقا فى النفس، وحكم عليه بالسجن لمدة عام مع ايقاف التنفيذ وغرامة مائة ألف جنيه..
ولم يكد ينتهى الدكتور أيمن منصور من هذه الأزمة، حتى بدا إنه يتعمد الانتحار في المقال الأخير. ولن أعيد سرد بعض فقراته لأنها قاسية وموغلة في التدنى، ويحق أن نعترف ببلاغة الدكتور أيمن منصور، وفصاحة جملته، ومزجه حين بدأ الكتابة بين التقديم التراثي أو التاريخي او العلمي على سبيل الاستشهاد ليربط بين ما يقدم به وبين ما سيأتى به.. وللأمانة فإن الربط بين الاشخاص والثقوب الفضائية السوداء / الخروم على حد تعبيره، استعمل هو لفظ خروم / ثقوب، في مقاله الأخير ووصف شخصية بارزة بأنه خرم، كان مقززا، وغير مقبول للفطرة المهنية السوية، كما استخدم صورة المشترك متعدد الفتحات ليشير إلى استعمال شخصية اعلامية بنفس الطريقة.. متعدد الفتحات!
أعف في الحقيقة عن إعادة نشر كلماته الفجة، وإن اتفقت معه على أن إعلام الدولة فى أزمة أداء ومؤدين.
قضايا الإعلام
لقد اشتبك مع خمسة أو ستة شخوص، لهم ظهورهم الاعلامى وبرامجهم، وتغول فى التوصيف والتسفيه.. واستعان بجمل انقلبت عليه، وهذا ما كنا نتوسم ألا تترخص العبارات وتهبط، وأن يترفع النص عن الشخص، وأن يعكس قيمة العلم لا رذيلة الطعن. لا أدافع عنهم، وهنالك سد مقيم بيني وبينهم إلى يوم الدين، لكنى إن شئت الحقيقة أدافع عن قيمة جامعية أراها هبطت وأربأ بها أن تحط!
يمتلك أيمن منصور ندا إذن سلاح الكلمة، وهذه مسئولية يتنافى معها تماما أن تتحول الكلمة إلى مطواة.. فلسنا بقطاع طرق ولا ممزقى شرف الناس ولا اعراضهم. من ترخص من الاعلاميين في عباراته يحكم عليه الرأى العام، يراه أو ينصرف عنه، وما يتهاتف به العامة إو يتهامسون به من بغضاء وسباب لمذيع لا يجوز لأستاذ علم ومكانة جامعية.
لابد أن يختلف الأمر حين يعالج قضايا الإعلام أستاذ جامعي ورئيس قسم الإذاعة والتليفزيون بكلية الإعلام جامعة القاهرة. بطبيعة الحال، لا تنفصل معالجة القضية المزمنة فى مصر، قضية الإعلام عن ممارسيها المزمنين الحاليين، لكن المنهج الصحيح هو معالجة وبحث وطرح القضية في منظورها الشامل، فإذا وضعنا العلاج الصحيح والخطة الاستراتيجية الكاملة، مع كفالة الحرية المسئولة، لن نجد لمن لا نرغبهم. ولا نرغب اسلوبهم ولا نطيق وجوههم المتلونة مكانا.
بعض الأشخاص موضع الاتهام بالسب والقذف، هم وبحق أعراض جلية مجسدة للأزمة الاعلامية، بل وللسكوت الرسمى عليها، لكن حل الأزمة ليس بسبهم والخوض فيهم بقلم مسنون وقلب محموم، بل بإعادة طرح القضية الاعلامية طرحا علميا نستفيد فيه من أساتذة الإعلام الكبار وما اكثرهم في كلياتنا المتخصصة. هنالك الأساتذة الدكاترة وبدون ترتيب: سامي الشريف وحمدي أبو العينين وحسن عماد وسامي عبد العزيز وصفوت العالم وليلي عبد المجيد وحسن على ومحمود علم الدين وغيرهم وغيرهم.. لا سبوا ولا شتموا.. بل يدرسون ويبحثون وينتقدون.. القضايا لا الاشخاص.
من الصعب التعاطف معك هذه المرة يا دكتورأيمن منصور، ونتمنى لكل السلامة والعودة للبحث العلمي الرصين.. احفظ قلمك وانشر دعوتك بالعلم وبالحسنى.. فمعالجة قضايا الإعلام لا تحتاج التغول باللفظ والصور والمعاني فقد أنبأت عنك بما رميت به غيرك.. إنتقد هذا حقك وحقى لكن لا تضع قلمك تحت طائلة القانون.. وهذا درس بديهي أراك في غنى عنه، لكنك تمضى إلى الشرك بثبات وإصرار وهذا وجه العجب.