تنوير وتضليل
هل هناك أوقات محددة لبدء الهجوم على مصر، الحكومة والقيادة؟ من نمط الهجمات المتتالية، على الأقل التي استمرت ستة أعوام تقريبا، قبل أن تلجأ إلى الكمون مؤقتا ثم خرجت مؤخرا، يتبين أن الهجمات تنتهج أسلوبين، بعد أن فشلت الهجمات بالعبوات وبالرصاص. أسلوبان أحدهما ضرب الأزهر، والثاني ضرب ثقة الناس فى الحكومة، وبالتالي في القيادة.
الأزهر مؤسسة تعليمية دينية، على رأسها إمام أكبر مشهود له بالعلم والحكمة والاستنارة، ومع ذلك فإن تجار بضاعة مريبة إسمها التنوير يخرجون على الناس بين وقت وآخر يشككون في فتاوى، أو ينسبون فتاوى شاذة إلى الأزهر، أو يشككون في السنة أو يفرضون تأويلات على القرآن تصدم الناس، بل يستعملون منسوبين إلى الأزهر إسما، يتاجرون بالفتاوى ويخوضون في الغريب المستبعد خوضا، يبررون به شطحات عصبة التنويريين.
من هم التنويريون في مصر؟ هل هم دعاة بناء أم هدم؟ دعاة عقل أم أبواق نقل عن عقل خارجي؟ دعاة نور أم خراب؟
هدف التنويريين
هم بضعة أفراد من المارقين علي القيم، يعتبرون المجتمع بحاجة إلى الصدمات، لأنه في غيبوبة الإرث الديني. هؤلاء قنواتهم مفتوحة على المنصات الغربية، منابر وتمويلا وتشجيعا. التنويريون في مصر يحملون أسما أكبر وأسمي من حقيقتهم الظلامية. المنفعة الذاتية وقود حركاتهم وسكناتهم. فيهم حقارة الفكر وضآلة الرؤية وسواد البصيرة. باحثون عن الشهرة، بالمخالفة، باحثون عن البروز بالمخالفة، باحثون عن تكبير خارجي!
ما هدف عصبة التنويريين النور (بفتح النون والواو)؟ تقديم صحيح الإسلام؟ لايملكون العلم ولا المؤهلات. تعريف المصريين بدينهم؟ اسألهم عما يقدمونه لدينهم؟ يشقون الدين شقا، ويحسبون أنهم يحسنون صنعا أولئك هم الأخسرون.
الأسلوب الثاني في الهجمة الحالية علي البلد التشكيك في قدرة الدولة على إدارة الازمات. وهذا مما يستدعي السخرية من خطة البلهاء هؤلاء. هذه الدولة أدارتها الدولة العميقة وقت أن كان على رأس النظام رئيس خائن سرعان ما حوكم وسجن! يشكك العملاء في عجز الحكومة عن الإدارة المالية الرشيدة وإننا قريبا تحت ضغط مالي هائل تنفجر معه قنبلة الديون.. وهناك إلحاح متكرر، مستمر في هذا الاتجاه..
والمفارقة أن الشعب المستنير الواعي بدينه المتمسك ب الأزهر الكريم الشريف، هو من بادر ويبادر للدفاع عن مكانته العظيمة في نفوس المصريين والمسلمين كافة، بينما تلوذ الحكومة بالصمت، والإعراض، عن الرد التفصيلي القاتل لهجمة التشكيك في قدرة الدولة علي سداد ديونها.. التى وصفوها بالهائلة.
لن نبرر أوجه الاستدانة، ولن نبرر أسبابها، فالعالم كله يعرف سببين كاسحين كسحا الاقتصاد العالمي وسوف يستمر مفعولهما طويلا: كورونا اللعينة وحرب روسيا مع الناتو علي أرض أوكرانيا..
ومعروف ما ترتب عليهما من تداعيات في أسعار النفط والنقل والغذاء.. ونظرا لإلحاح العملاء على بث رسائل التحريض والتشكيك، فإن من الواجب علي حكومة الدكتور مصطفى مدبولى أن ترد ببيان تفصيلي عن موقفنا المالي كاملا، الدين الداخلي والدين الخارجي، وأعباء خدمة كليهما، وحدود الأمان المالي من عدمه.. استمرار صمت الحكومة عامل مساعد يعزز رسائل بث القلق والتحريض.