رئيس التحرير
عصام كامل

يوسف صديق ومصطفى الفقى

يوم الثلاثاء الماضى كتب الصديق الدكتور مصطفى الفقى مقالا عن بطل ليلة 23 يوليو 1952 فى جريدة الأهرام مستعيدا ذكريات خاصة له معه حينما إلتقاه في لندن عندما عين نائبا للقنصل المصرى فيها عام 71، بينما كان يوسف صديق يتلقى العلاج وقتها في عاصمة الضباب، وقضى بصحبته نحو الشهر يستمع إليه وهو يسرد ذكرياته عن ليلة الثورة وعن آراءه في عبدالناصر والسادات وبقية قيادات الثورة بموضوعية رغم المرارة التى كان يشعر بها للظلم الذى تعرض له من زملاءه وإنكار دوره في نجاح حركة الضباط الأحرار.

ولان الصديق دكتور مصطفى الفقي أشار في مقاله إلي حينما قال في مقاله أنه فيما بعد علم إننى زميل الدراسة قد اقترنت بإبنة يوسف صديق رحمها الله، فعندما أراد الأستاذ سمير رجب التعليق على مقال الدكتور مصطفى الفقي فقد إختارعنوانا لأحد فقرات مقاله فى العدد الاسبوعى من الجمهورية الصادر اليوم  يقول: (عبدالقادر شهيب هل هو راضٍ عما كتبه مصطفى الفقى عن صهره يوسف صديق؟)..

وأجاب الاستاذ سمير كتابة في مقاله بأنه لا يعتقد أن عبدالقادر شهيب سوف يكون راضيا لآن الدكتور مصطفى الفقي قصر تاريخ يوسف صديق كما قال على حادثة عابرة تعرض لها، ثم سرعان ما إنتهى تأثيرها ونسى ما قاله التاريخ المنصف المحايد عن يوسف صديق ولولاه ما ظهر على الساحة كل من جمال عبدالناصر وأنور السادات وزكريا وخالد محى الدين وصلاح سالم.


دور يوسف صديق


وهذا تحديدا دور يوسف صديق المهم والجسور ليلة 23 يوليو عام 1952 الذى تعرض للإنكار من قبل زملاءه على مدى عشر سنوات كاملة من عمر ثورة يوليو، حتى إعترف به جمال عبدالناصر ضمن خطبته السنوية في عيد الثورة، بعد أن ظل مطروحا أن الذى قاد عملية إقتحام مبنى قيادة الجيش وإعتقال كبار قادته في تلك الليلة هو عبدالحكيم عامر وليس يوسف صديق، وروج لذلك أنور السادات في كتاب شهير له أفاض خلاله في وصف شجاعة عامر!..

 

وقام يوسف صديق بهذا العمل الأهم ليلة 23 يوليو وصدره ينزف دما، ومعه عدد محدود من قوات كتيبته وأغلبهم شئون إدارية، ودون أن يسقط قتيل واحد من الجنود المكلفين بحراسة مقر قيادة الجيش.. فهو بسبب مرضه لم يكن منوطا به إقتحام مبنى قيادة الجيش، وإزاء إصراره على المشاركة في حركة الضباط الأحرار ليلتها  خرج بقوته الصغيرة  لتأمين موقع آخر.. غير أن القوة ألقت القبض ليلتها أثناء تحركها خارج معسكرها على كل من عبدالناصر وعامر ومنهما عرف يوسف صديق أن أمر الحركة إكتشف وأن قيادات الجيش تتجمع في مقر القيادة لإجهاض الحركة..

 

ولذلك قرر في حينه إقتحام المقر وإلقاء القبض على كل هذه القيادات في عملية واحدة، حتى تتحرك بقية الوحدات للسيطرة على بقية المواقع المهمة سواء العسكرية أو المدنية.. ورسم يوسف صديق خطة إقتحام مبنى القيادة على غلاف علبة سجائر كانت معه.. ونفذ هذه الخطة بنجاح  وسيطر بالفعل على مبنى القيادة.. وقد سجل تفاصيل ذلك كل من جمال حماد وأحمد حمروش أهم مؤرخين لثورة يوليو، ثم خالد محى الدين في مذكراته، وقبلهم كتبه يوسف صديق نفسه فى مذكراته عن ليلة الثورة في مجلة آخر ساعة عقب اعتراف عبدالناصر بدوره الأهم ليلة 23 يوليو بعد عشر سنوات من إنكار هذا الدور..

 

خطأ مصطفى الفقي

 

وبعد ان تعرض للنفى  خارج البلاد وتحديد الإقامة داخلها وأيضًا السجن هو وزوجته السيدة علية توفيق وعدد من أقاربه الشبان.. وحتى بعد إعتراف عبدالناصر بدوره ليلة 23 يوليو ظل هناك إنكار لدور يوسف صديق المهم والاساسي في نجاح حركة الضباط الأحرار، لدرجة أنه حينما تم إعداد تماثيل لأعضاء مجلس  قيادة الثورة في المتحف الحربي تم تجاهل إعداد تمثال له، ولم يصحح هذا الخطأ إلا بحكم قضائى حصل عليه إبنه لواء الشرطة حسين يوسف رحمه الله.. ولم يتم تكريم إسم يوسف صديق إلا من قبل الرئيس عبدالفتاح السيسى مؤخرا بمنحه قلادة النيل.

 
بل بعد الاعتراف بدور بطل ليلة 23 يوليو حاول البعض تشويهه بالإدعاء أنه أخطأ بالخروج مبكرا عن الموعد المحدد لتحرك الضباط الأحرار، وهذا هو الخطأ الذى وقع فيه الصديق الدكتور مصطفى الفقى حينما  قال فى مقالته بالأهرام إن نجاح ثورة يوليو حدث بخطأ وقع فيه يوسف صديق بخروجه مبكرا عن الموعد المحدد..

 

ومن تابع ما أثير من قبل من نقاش حول هذا الأمر سوف يكتشف، كما انتهى جمال حماد، إلى أن الرجل تحرك بالفعل في الموعد الذى تم ابلاغه به عبر الضابط زغلول عبدالرحمن الذى ظل معه فى المعسكر حتى تم التحرك، ولو كان ثمة خطأ في موعد التحرك  كان بالطبع سوف ينبه اليه.. بل أن الضابط زغلول عبدالرحمن أكد بنفسه في لقاءات معه صحة موعد تحرك يوسف صديق وقواته..

 

 

وبالطبع يوسف صديق ليس مسئولا عن تغيير الموعد لعدم إبلاغه به أو الارتباك الذى حدث بعد إنكشاف أمر الحركة، والذى عرف يوسف صديق به عندما ألقت قواته القبض على عبدالناصر وعامر في الشارع، وعلى آثره قرر بجسارة أن يقتحم قيادة الجيش.. وكنت أتصور أن الصديق وزميل الدراسة مصطفى الفقى   كان يجب ألا يتجاهل ذلك وأن يضعه في الإعتبار مادام يستهدف كما قال التذكير بأن هناك أبطال للتاريخ المصرى ليسوا هم فقط من تجملت الميادين بتماثيلهم وترد كثيرا ذكراهم. 

الجريدة الرسمية