أمريكا تعطس.. والعالم يصاب بالزكام !
كما كان متوقعا ومعلنا من قبل قرر البنك المركزى الأمريكى رفع سعر الفائدة، لكنه رفعها بربع نقطة فقط وليس نصف نقطة كما ذهبت بعض التوقعات الأمريكية قبلها، والأغلب أن ذلك نتيجة تداعيات الحرب الأوكرانية التى اقتضت من البنك بعض التحفظ، وإن كان أفصحت قيادته عن احتمال الاستمرار في رفع الفائدة هذا العام بنحو ست مرات مستقبلا.. ويراهن البنك المركزى الأمريكى على تحسين قيمة الدولار تجاه العملات المشفرة والذهب وزيادة إقبال المستثمرين الأجانب على توظيف أموالهم في السوق الأمريكي.
السيطرة على التضخم
غير أنه من جانب آخر فإن كل التوقعات الاقتصادية لمؤسسات مختلفة تكاد تجمع على أن تلك الخطوة سيكون لها تداعياتها على العالم كله، خاصة الدول صاحبة الاقتصاديات الناشئة، استنادا إلى تأثر اقتصاديات العالم بما يحدث للاقتصاد الأمريكى، حتى أن البعض يقول تندرا إن أمريكا حينما تعطس يصاب العالم كله بالزكام، نظرا لآنها صاحبة أكبر اقتصاد في العالم وأيضا صاحبة عملة الاحتياط الأولى في العالم كله، حتى بعد أن شرعت بعض الدول إلى توسيع اعتمادها على عملات أخرى في تبادلها التجارى فيما بين بعضها البعض مثلما فعلت الصين وروسيا وهو ما تفكر فيه أيضا دول الخليج العربى حاليا بالنسبة لتصدير نفطها.
وقد تحسبت مصر مبكرا لذلك، خاصة وأن البنك المركزى الأمريكى يلوح منذ نهاية العام الماضي لاتخاذ خطوة رفع سعر الفائدة للسيطرة على التضخم الصاعد في أمريكا.. قد سعت مصر إلى اتخاذ خطوات لزيادة صادراتها وترشيد وارداتها من الخارج لتخفيض الطلب على الدولار، ثم زيادة رسوم المرور فى قناة السويس لزيادة مواردها من النقد الأجنبى، فضلا عن تمديد آجال سداد الودائع العربية لدى البنك المركزى، مع الحصول على ودائع جديدة، وقد وفر ذلك نحو أكثر من ستة مليارات دولار قابلة للزيادة إلى ثمانية مليارات دولار، يضاف إليها مليار دولار زيادة متوقعة في دخل قناة السويس هذا العام بعد رفع رسوم العبور فيها مع البحث عن أسواق بديلة للسياحة الأجنبية بدلا من السياحة الروسية والأوكرانية التى أربكتها الحرب..
كل ذلك سوف يسهم بالطبع في تعويض النقص في عائد السياحة الأجنبية الناجم عن الحرب الاوكرانية، وخروج بعض الأموال الساخنة من السوق المصرى وتكلفة زيادة أسعار القمح والذرة التى نستورد نسبة كبيرة لها من احتياجاتنا، وبالتالى يخفف من حدوث أى تخفيض للجنيه المصرى تروجه مؤسسات اقتصادية مختلفة منذ نهاية العام الماضى، وهو ما سوف يسهم بالطبع في السيطرة على معدل التضخم لدينا ويساعد في تخفيف وطأة ذلك على أصحاب الدخول المحدودة.