والفول السياحي!
فاجأ الرئيس السيسي الحكومة بما لم يكن يخطر على البال ويقضي بتسعير رغيف العيش الحر غير المدعوم الذي يطلق عليه الرغيف السياحي للتفرقة بينه وبين العيش الذي يصرف الآن من خلال بطاقات التموين، وذلك لوقف الزيادة المتسارعة في أسعاره مما يفوق قدرة أصحاب الدخول المحدودة.
فبعد أن تم الاعتماد على آليات السوق في تحديد أسعار السلع كان مجرد الإشارة من بعيد للتدخل الحكومي في الأسواق يواجه برفض كاسح من المسئولين عن إدارة الاقتصاد المصري، على اعتبار أن ذلك سوف يعد ردة عن آليات السوق، التي تتكفل وحدها بتحديد أسعار السلع حسب العلاقة بين العرض والطلب، رغم أن هذه الآيات لا تعمل في السوق المصري إلا في اتجاه واحد فقط هو اتجاه ارتفاع الأسعار، وذلك بسبب شيوع الممارسات الاحتكارية التي تعطل عمل آليات العرض والطلب! لكن ها هي الدولة تجد نفسها بحكم مسؤوليتها مضطرة لأن تتدخل من أجل تسعير رغيف العيش الذي يطلق عليه الرغيف السياحي!
إلا أن انفلات الأسعار لم يعد يقتصر على الخبز فقط الذي تتفاهم الحكومة الآن مع أصحاب المخابز على تسعيره جبريًّا لثلاثة أشهر، وهى الشهور المتوقع صعود أسعار القمح والدقيق فيها، وإنما ارتفاع الأسعار شمل كل شيء.. منتجات الألبان والدواجن واللحوم والخضر والفاكهة والأرز والعدس وكل أنواع البقوليات وفي مقدمتها الفول الذي يعد العنصر الأهم في غذاء الأغلب الأعم من المصريين.. وبالتالي فإن الفول السياحي يحتاج أيضا إلى تدخل حكومي للسيطرة على أسعاره وحمايتها من الانفلات حماية لأصحاب الدخول المحدودة أيضًا.
وهنا لا نطالب الحكومة بأن تكرر ما سوف تفعله بالرغيف السياحي بالنسبة لبقية السلع الغذائية، وإنما نطالبها أن تلتقى بممثلي التجار في الغرف التجارية للتحاور معهم والتفاهم على أسعار لهذه السلع تكون في تناول قدرات أغلب المواطنين وفى ذات الوقت تحقق لهم معدل ربح معقول غير مغالى فيه.
وهذا دور الحكومة ولا يجب التباطؤ في القيام به لأن الغلاء صار الهم الأول للمواطنين الآن.. فما اجتمع اثنان من المواطنين الآن إلا وكان حديث الغلاء الطاغي على كلامهما.