مجلس الدولة:
حيثيات إلغاء قرار مجازاة رئيس نادي أعضاء الجهاز المركزي للمحاسبات
قضت المحكمة التأديبية بمجلس الدولة بقبول الطعن رقم 88 لسنة 55 قضائية عليا شكلًا، وفي الموضوع بإلغاء قرار رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات المطعون فيه رقم (517) فيما تضمنه مجازاة إبراهيم محمود يسري، رئيس مجلس إدارة نادي أعضاء الجهاز المركزي للمحاسبات بعقوبة التنبيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت جهة الإدارة بالمصروفات لدوره مفتقدًا إلى صحيح سنده.
وأكدت المحكمة عبر أسباب حكمها إن وقائع الطعن تتلخص في أن الطاعن يشغل وظيفة رئيس قطاع من فئة وكيل وزارة بمجموعة الوظائف الفنية الرقابية العليا بالإدارة المركزية للتعليم العالي والبحث العلمي والأزهر بالقاهرة الكبرى.
وفي ذات الوقت رئيسًا لمجلس إدارة نادي أعضاء الجهاز المركزي للمحاسبات، وبتاريخ 22/12/2020 تقدم رئيس الإدارة المركزية للخدمات الطبية والرعاية الاجتماعية بالجهاز بمذكرة إلى رئيس الجهاز تضمنت طلب اتخاذ اللازم تجاه الطاعن لقيامه بتاريخ 20/12/2020 بنشر أخبار غير حقيقية وتسيئ إلى الإدارة المركزية المذكورة أمام باقي إدارات الجهاز.
وباشرت الإدارة المركزية للشئون القانونية التحقيق مع الطاعن فقد أعدت مذكرة بنتيجة التحقيق أوصت في ختامها بمجازاة الطاعن بعقوبة التنبيه لخروجه على مقتضى الواجب الوظيفي لمخالفته الحظر الوارد بقرار مكتب الجهاز الصادر بجلسته رقم (29) المعقودة بتاريخ 7/9/2020 "بعدم قيام أعضاء الجهاز والعاملين به بتناول أي شأن من شئون الجهاز أو العاملين به على مواقع أو صفحات وسائل التواصل الاجتماعي أو غيرها من وسائل الاتصال الإلكتروني أو على صفحاتهم الشخصية".
ووافق رئيس الجهاز على هذه التوصية وأصدر قراره المطعون فيه رقم (517) لسنة 2021 بمجازاة الطاعن بعقوبة التنبيه.
التواصل الاجتماعي
والثابت من الأوراق أن قرار مجازاة الطاعن بعقوبة التنبيه صدر استنادًا لما ثبت في حقه من خلال التحقيق الإداري رقم (209) لسنة 2020 الذي أجري معه بمعرفة الإدارة المركزية للشئون القانونية بالجهاز المطعون ضده من أنه خالف قرار مكتب الجهاز الصادر بجلسته رقم (29) المعقودة بتاريخ 7/9/2020 بحظر قيام أعضاء الجهاز والعاملين به بتناول أي شأن من شئون الجهاز أو العاملين به على مواقع أو صفحات وسائل التواصل الاجتماعي أو غيرها من وسائل الاتصال الإلكتروني أو على صفحاتهم الشخصية.
وهو ما تضمنه الكتاب الدوري رقم (3) 2020 الصادر في هذا الشأن، وذلك بأن قام الطاعن بتاريخ 20/12/2020 بنشر عبارات على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك) تناول فيه شأن من شئون الجهاز متعلق بعمل الإدارة المركزية للخدمات الطبية والرعاية الاجتماعية.
وذلك بأن دون ما يلي"السيد رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، بصفتي رئيس مجلس إدارة نادي أعضاء الجهاز المركزي للمحاسبات وقبل ذلك عضو بالجهاز، أرجو من سيادتكم التدخل الفوري لوقف مهزلة عدم قيام المسئولين بالجهاز بسداد المستحقات المالية لبعض المستشفيات المتعاقدة مع الجهاز مما يؤدي لرفضهم قبول العاملين بالجهاز المصابين بكورونا.
جائحة كورونا
وآخر تلك الحوادث ببعض المستشفيات بالأسكندرية مما يستوجب معه الأمر صرف دفعات عاجلة للمستشفيات تحت الحساب دون اتخاذ إجراءات عقيمة في المراجعة، وهذا تماشيًا مع مبدأ الأهمية النسبية والاستثناءات بسبب جائحة كورونا، الأمر جلل والمصيبة قد تطول الجميع والبروج المشيدة لن تحمي أحد".
وطالعت المحكمة التحقيق الذي أجري مع الطاعن في هذا الشأن وما قدمه من مستندات، سواءً أمام جهة التحقيق أو خلال جلسات المرافعة، وتبين للمحكمة إقرار الطاعن بالواقعة المنسوبة إليه، وبرر ذلك بأن قيامه بكتابة هذه العبارات كان متزامنًا مع وفاة شقيقه بتاريخ 16/12/2019 من جراء إصابته بفيروس كورونا، فضلًا عن حجز شقيقه الآخر بمستشفى شبرا العام بسبب إصابته بذات الفيروس، وكذا إصابة أربعة أفراد من أسرته في ذات الوقت بنفس الفيروس، واضطراره لعزل نفسه كونه مخالط لهم وقيامه بإخطار إدارته المركزية بذلك آنذاك.
وفي أثناء هذه الظروف التي لمس خلالها قسوة هذا المرض والمعاناة التي يكابدها المصابين به – تلقى عدة اتصالات هاتفية من العديد من زملائه أعضاء الجهاز، كونه رئيس مجلس إدارة نادي أعضاء الجهاز المركزي للمحاسبات، يشكون من صعوبة الإجراءات المتعلقة بإجراء الفحوصات الطبية والحجز بالمستشفيات حال ثبوت إصابتهم بالفيروس.
وكيل الجهاز
ومن بين هؤلاء الأستاذ مجدي إلياس (وكيل الجهاز السابق) الذي اتصل يشتكي من عدم تمكنه من إدخال أحد أفراد أسرته المصاب بالفيروس مستشفى سيدي بشر الملكي (المتعاقد معها من قبل الجهاز) لحاجته للعناية المركزة، لرفض المستشفى التعامل معه بسبب عدم قيام الجهاز بسداد مستحقاتها، وذات الأمر حدث مع مستشفى بدراوي. وأضاف أنه قام بالاتصال بصندوق الخدمات الطبية بالجهاز وتبين من صحة ذلك.
ومن ثم قام في هذه الأثناء بتدوين هذه العبارات على حسابه على الفيس بوك. وبعد أن تم معالجة الأمر وحل هذه الإشكالية بتاريخ 24/12/2020، قام مباشرة في ذات التاريخ بتوجيه الشكر على نفس الصفحة إلى رئيس الجهاز، واستطرد الطاعن فذكر أنه حاول نشر الخبر على الموقع الرسمي للجهاز إلا أنه فوجئ بأن المنشور يظهر أيضًا على صفحته الشخصية.
وأكد الطاعن بأن ما قام بنشره لا يمثل أي إساءة للجهاز كجهاز رقابي أو العاملين به ولم يتناول أي شأن في هذا الخصوص، بحسبان أن هذا هو مناط الحظر الوارد في الكتاب الدوري رقم (3) 2020، وإنما كان بشأن بعض أوجه القصور في الخدمة الطبية المقدمة لأعضاء الجهاز، والتي أراد من خلال هذا المنشور تسليط الضوء عليها بهدف تلافيها، وأن هذا يعتبر جزء من دوره كرئيس لنادي أعضاء الجهاز المركزي للمحاسبات، وقدم المحال لجهة التحقيق صور ضوئية للمحادثات والعبارات التي قام بنشرها والتي أشار إليها بأقواله
فيس بوك
شددت المحكمة على أن ما دونه الطاعن على صفحته الشخصية على موقع "فيس بوك"، بصفته رئيس مجلس إدارة نادى أعضاء الجهاز المركزى للمحاسبات الذى يمثل عموم أعضاء الجهاز على اختلاف تخصصاتهم ودرجاتهم الوظيفية، من انتقاد لبعض أوجه القصور فى تقديم الخدمات الصحية لأعضاء الجهاز وأسرهم، إنما يدخل ضمن إطار حرية التعبير التى كفلها الدستور، والتى لا يجوز تقييدها بموجب أحكام الكتاب الدورى المشار إليه
خاصة وأنه قد ألتزم حدود الموضوعية واللياقة والاحترام فى إبداء هذه الانتقادات التى أتت أوكلها بالفعل بتلافى أوجه القصور، ولم يتخذ من هذه الانتقادات وسيلة للتشهير بالجهاز وقياداته، وإذ صدر قرار الجزاء المطعون فيه استنادًا إلى مخالفة الطاعن لمقتضى الكتاب الدوري المشار إليه، فإنه يكون قد صدر والحال كذلك مفتقدًا إلى صحيح سنده متعينًا القضاء بإلغائه، ولهذه الأسباب أصدرت المحكمة حكمها المتقدم