أمريكا تعاقب نفسها!
فور إعلان واشنطن أنها تفكر في وقف استيراد النفط الروسى قفزت الأسعار العالمية للنفط لتلامس رقم ١٤٠ دولار للبرميل، ولولا أن ألمانيا سارعت بإعلان رفضها مشاركة الأمريكان في مقاطعة الغاز والنفط الروسي لما تراجعت الأسعار العالمية للنفط بعض الشىء.. وبالطبع إرتفاع الأسعار العالمية للنفط لا يقتصر تأثيره فقط على إرتفاع أسعار البنزين بالنسبة للأمريكان وهو ما حدث فعلا مؤخرا، وإنما سوف يرفع معدل التضخم كما تشير توقعات عديدة في أمريكا إلى ١٠ في المائة مقابل ٧،٥ في المائة الآن، أى سيرفع أسعار العديد من السلع في الأسواق الأمريكية..
وطبقا للتقديرات الروسية فإن التوقف عن إستيراد الغاز والنفط الروسي سيرفع سعر البرميل من البترول إلى ٣٠٠ دولار بنسبةَ زيادةَ تفوق ٣٠٠ فى المائة عما كان عليه الحال قبل إندلاع الحرب الاوكرانية. وهنا سوف يعانى بشكل أكبر الأمريكيون وليس الروس وحدهم من تداعيات وتأثيرات العقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا، أى أنهم سيعاقبون أنفسهم أيضا!
الغاز والنفط الروسي
وهذا هو سبب رفض الألمان مقاطعة الغاز والنفط الروسى لأنهم يعتمدون عليه بنسبة ٤٢ في المائة في توفير احتياجاتهم للطاقة، وقد كان ملفتا أن تقول وزيرة الخارجية الألمانية إن إظلام ألمانيا لن يفيد في وقف الحرب في أوكرانيا لأنها تتوقع أن روسيا وقتها ستكون أكثر ضراوة في حربها.. وذات الموقف الرافض لمقاطعة الغاز والنفط الروسى تتبناه فرنسا أيضا التى تعتمد على الغاز الروسى في توفير ١٧ في المائة من احتياجاتها من الطاقة.
وحتى إذا لم تتم مقاطعة الغاز والنفط الروسى فان العقوبات الاقتصادية الأخرى التى أتخذت ضد روسيا سيكون لها تداعياتها التى سوف تطول الأمريكان والاوربيين أيضا لأنها سوف تصيب الاقتصاد العالمى وتربط سلاسل الإمدادات وتخفض معدلات النمو وتشيع عدوى الركود وتزيد معدلات التضخم العالمية.. أى أن أصحاب هذه العقوبات سوف يعانون منها أيضا مثل الروس الذين فرضت عليهم هذه العقوبات وبدأوا يعانون منها بعد أن إتجه مهرولا سعر عملتهم للانخفاض ويرتفع معدل التضخم لديهم.
ولن ينصلح حال الإقتصاد العالمى إلا إذا توقفت هذه الحرب وتم التوصل إلى تسوية سياسية للأزمة وألغيت العقوبات الاقتصادية التى فرضت على روسيا خارج المنظمة الدولية كما أشار بيان الخارجية المصرية.. غير أن هذه التسوية المأمولةَ لن تتم بين روسيا وأوكرانيا وإنما ستكون بين روسيا وأمريكا ذاتها التى تتمتع بتأثير كبير لدى قادة أوكرانيا الحاليين، أسهم في تفاقم النزاع الروسي الأوكراني وإنفجار الحرب.