شيطنة بوتين!
شاعت في بداية التسعينات من القرن الماضى بين الروس دعابةَ تعبر عن رؤية الروس وقتها لزعمائهم وتقول: إن قطارا روسيا توقف فجأة في الطريق فلجأ ركابه إلى لينين يسألونه ماذا يفعلون فنصحهم أن يشكلوا تنظيما سريا للقيام بثورة والاستيلاء على قيادة القطار.. بينما أمر ستالين بقتل نصف ركاب القطار لتخفيف حمولته حتى يتسنى له الانطلاق مجددا.. واقترح عليهم برجنيف أن يسدلوا الستائر على نوافذ القطار ويتخيلون أنه يسير.. أما جورباتشوف فقد حرضهم على أن يتحدثوا بصراحة ومكاشفة ويعلنون توقف القطار!.. وهذه الدعابة إذا قام الغرب بتنقيحها الآن وأضافوا بوتين إليها سيقولون إنه سوف ينصحهم بتفجير القطار المعطل والاستيلاء على قطار جديد!
فإن الغرب مؤخرا يروج لصورة ذهنية عن بوتين تصوره على أنه رجل متهور مندفع بسبب عزلته عن الواقع الذى يعيشه، بل إن البعض في الغرب اتهمه بالجنون بعد أن هدد باستخدام القوة النووية، والمهذبون اعتبروه أنه أخطا الحساب في الحرب على أوكرانيا لأنه أتاح لأمريكا أن تورطه فيها لاستنزاف قوة روسيا اقتصاديا وعسكريا.
وهكذا ثمة عملية ممنهجة من الغرب لشيطنة بوتين، وهذه العملية بدأت مبكرا قبل أن تنشب الحرب الأوكرانية وتحديدا حينما وصفه بايدن بأنه قاتل، وذلك لتبرير ما اتخذه الغرب الأوروبى والأمريكى من عقوبات غير مسبوقة ضد روسيا لفرض حصار اقتصادى وسياسى ورياضى وثقافى عليها لتصير دولة منبوذة عالميا، وأيضًا لتبرير دعمهم لأوكرانيا بالسلاح ورغبتهم للدفع بالمرتزقة لمحاربة الجيش الروسي في أوكرانيا..
وها هو بوتين يفسر أخيرا لماذا اختار توجيه ضربة عسكرية لأوكرانيا لأن الخيار الآخر الذى كان مطروحا وهو دعم الجمهوريتين المنفصلتين عنها كان لا يكفى لتخلص روسيا من خطر الأسلحة التى زودها بها الغرب.. أما التلويح بالسلاح النووى فقد جاء لردع من فكروا بالغرب فى فرض حظر جوى فى أوكرانيا كان سيهدد القوات الروسية فيها، وقد حقق هذا التهديد مفعوله.