كيف قضى محمد بن تومرت على السلفية في المغرب؟
تهاجم أغلب التيارات السلفية في المنطقة، النموذج الصوفي ـ الأشعري المغربي، ويرون في التحول التاريخي للمجتمع المغربي إلى الصوفية بعد أن كان سلفيا بامتياز، سببا آخر للصدام مع كل ما هو صوفي أو أشعري.
ويعرف المجتمع المغربي بشيوع التسامح بسبب طبيعته الصوفية وجنوحه إلى الأشعرية، والابتعاد عن فلك التيارات المتشددة ولاسيما السلفية، لكن هناك قصة وراء تحول المجتمع المغربي من سلفي بامتياز إلى عدو للفكرة وغير متقبل لها.
دخول الأشعرية والصوفية
دخلت الأشعريةُ والصوفية إلى المغرب على يد محمد ابنِ تُومَرْت مؤسس الدولة الموحدية، وهو سياسي وداعية إسلامي عاش في المغرب بين نهاية القرن الحادي عشر الميلادي والقرن الثاني عشر، وكانت مؤلفاته العامل الأساسي في انتشار الأشعرية بالمغرب.
مزج ابن تومرت بين أفكار ابن حزم الظاهري في دعوته، خصوصا ما يتعلق منها بمحاربة التقليد والاحتكار المذهبي، وكان هدفه من ذلك التقليص من نفوذ فقهاء المالكية الذي كان قد استفحل في عهد الدولة المرابطية.
دعا ابن تومرت، واسمه كاملا بحسب ابن خلدون، محمد بن عبد الله بن وجليد بن يامصال بن حمزة بن عيسى، المغاربة إلى تعلم التوحيد وتقديمه على العبادة، ثم قرَّر أن إثبات العلم بالتوحيد لا يكون إلاّ عن طريق العقل.
مع الوقت شكلت دعوة ابن تومرت أحد أركان الدعوة الموحدية نفسها، ودعى قبائل مصمودة إلى مبايعته وكون منهم جيشا قويا جعل على رأسه عبد المومن بن علي للقضاء على المرابطين ولقب أتباعه بالموحدين ووضع بذلك أسس الدولة الجديدة، وهي الدولة الموحدية.
اتهامات السلفية لابن تومرت
حتى الآن لا ينسى السلفية لإبن تومرت إطاحته بالسلفية من دولة هامة في المنطقة والبلدان العربية والإسلامية مقل المغرب، ويتعتبرونه أحد ألد أعدائهم التاريخيين، ويرون دولته وإرثه الدين المستمر حتى الآن انقلابٍ سياسيٍّ علميٍّ دينيٍّ بالمغرب، لمجرد أنه أخذ بطريقة الأشعريِّ ونَصرصها.
وتروج التيارات السلفية أن ابن تومرت اضهد السلفيِّين وأسماهم المجسِّمين، وبغير هذا الاضطهاد لم يكن يستطيع حجب السلفيةُ وإسقاط دولة صنهاجة التي كانت ترعاها وتؤمن بها، وإقامة دولته التي لازالت مبادئها وأفكارها الروحية مستمرة حتى الآن.
عن السلفية وتاريخها
والسلفية هي اسم لمنهجٍ يدعو إلى فهم الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة والأخذ بنهج وعمل النبي محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته والتابعين وتابعي التابعين، باعتباره يمثل نهج الإسلام، والتمسك بأخذ الأحكام من كتاب الله، ومما صح من أحاديث النبي.
وتتمسك السلفية بالنقل الكامل لكل ما كان يدور في عصر الصحابة، ولاتخرج عنه قيد أنملة، وتقوم في جوهرها على التزام منهج القدامى في فهم النصوص الشرعية، وتعتبرهم وحدهم المرجع الجامع، الذي يجتمع عليه السلفيون، وبهذا يلتزمون أيضا بكل ما تعنيه السلفية في اللغة، من حيث الرجوع للسابقين زمنيًا في كل شيء.
وبرزت السلفية بهذا المصطلح على يد الإمام ابن تيمية في القرن الثامن الهجري، ثم جاء الشيخ محمد بن عبد الوهاب وقام بإحياء الفكرة من جديد بمنطقة نجد في القرن الثاني عشر الهجري، وانتشرت منها إلى المنطقة العربية والإسلامية، ومن أهم أعلامهما، عبد العزيز بن باز، ومحمد ناصر الدين الألباني، ومحمد بن صالح بن عثيمين، وصالح الفوزان.
ومحمد بن تومرت بن عبد الله بن يا مصال ابن تومرت من هرغة إحدى بطون قبيلة مصمودة الأمازيغية المستقرة بالأطلس الصغير بمنطقة السوس الأقصى المغربية.
اشتهر منذ صغره بالتقوى والورع، وقد امتاز بمواظبته على الدراسة والصلاة، إلى حد أنه اشتهر لدى قبيلته باسم "أسفو" أي المشعل. رحل إلى بلاد المشرق ليكمل تحصيله ويعمق معارفه في أهم المراكز العلمية هناك.
في سنة 501 هـ رحل إلى قرطبة حيث أخذ العلم عن علمائها ثم توجه بحرا إلى مصر ثم اتجه إلى مكة وأدى فريضة الحج ثم رحل إلى العراق.
وفي سنة 510 هـ أراد العودة إلى شمال أفريقية ودامت رحلته للعودة 4 سنوات وقف إلى اثرها في محطات كثيرة في البلدان الإسلامية أهمها الإسكندرية نشر فيها العلم وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر ثم توجه إلى طرابلس الغرب ونشر فيها العقيدة الاشعرية وبعده توجه إلى المهدية بتونس واتخذ مسجدا لدراسة العلم وركز على علم الاصول وأحدث فوضى في البلاد بسبب أسلوبه في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر.
في طريقه انضم إليه بعض تلامذته ثم توجه إلى بجاية والتقى بعبد المؤمن بن علي الكومي. وعرف عبد المؤمن بن علي الكومي بما يقصد إليه من خلافة.