عالم فاقد الإنسانية.. كفى!
ما رأيناه من مشاهد صادمة وظروف قاسية أحاطت بوفاة الطفل المغربي ريان تقف أمامها كل التفسيرات عاجزة عن كشف ملابسات ما جرى ل طفل بريء علِقَ في جوف البئر 5 ليالٍ بطولها دون طعام ولا شراب ولا أمن.. بات بين أنياب المجهول يتنازعه الخوف من كل جانب حتى رحل عن عالمنا بعد محنة لا يعلم إلا الله مداها عن عمر لا يتجاوز 5 سنوات في يوم صادف تاريخه الخامس من فبراير 2022.. ويا لها من مفارقة قاسية على القلب والنفس.. وما أشد قسوتها على والديه وذويه.
وفي كل الأحوال فإنها مشيئة الله ولا رادّ لحكمه وقضائه.. وقد اقتضت مشيئته عز وجل أن يرحل الطفل المغربي ريان إلى جنات النعيم بهذه الطريقة التي أحدثت دويًا هائلًا في العالم كله ولا يزال صداه يتردد هنا وهناك بصورة لافتة وما أحاط برحيله من اهتمام إعلامي بأطيافه كافة لحكمة لا يعلمها إلا رب الأرباب.. ربما هي رسالة بأننا نسير في الطريق الخطأ..
درس لا ينسى
وقد آن الأوان أن ننبذ الأطماع والحروب والنزاعات بعد الذي جرته على البشرية من تعاسة ودمار وخراب وضياع للقيم الإنسانية النبيلة.. لما لا تعود البشرية لنبلها الإنساني.. لماذا لا تتعاون وتتكامل وتتكاتف لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.. أليس ذلك أجدى وأكثر نفعًا؟! رأيي أنه لو حدث ذلك.. ما رأينا فقراء وجوعى ومشردين ومتسولين بكل هذه الأعداد الرهيبة المؤلمة.
أيها الطفل المغربي ريان وداعًا.. وسلامًا عليك وعلى روحك الطاهرة.. فقد كان رحيلك درسًا لا ينسى.. ونقطة فارقة شدت انتباه العالم لحكمة لا يعلمها إلا الله.. وداعًا أيها الصغير الذي أعاد الإنسانية من مرقدها وأيقظ ضميرها من سباته لتضرب العداء والحقد والنزاع والدمار.. لقد أحدثت ثورة ناعمة في مشاعرنا جعلت العالم يستحضر مشيئة الله في كل نفس تتنفسه البشرية وقدرته المطلقة في كل أمر.. فالكل يدعو الله أن ينجيه ويكتب له السلامة بعد أن باءت الأسباب بالفشل.. وعجزت قدرة البشر أن تستنقذه من أنياب الموت المحقق.
أيها الطفل الصغير.. كم أشعرتنا أننا ضعفاء بل أكثر ضعفًا رغم ما نحن فيه من تقدم مذهل في التكنولوجيا والصناعة والفضاء.. لقد كان رحيلك أكبر صفعة على وجه من لا يراعون الله في الحق والعدل ويتركون الأطفال مشردين.. وكم يعيش العالم القروي من مآسٍ وفقر وبؤس وهشاشة وتهميش..
وداعًا أيها الطفل الذي زحزح الإنسانية لتفيق من غفلتها إفاقة ندعو الله أن تكون حقيقية ودائمة لا مؤقتة ولا مزيفة.. حينها يمكن القول إن الطفل المغربي ريان كان معجزة بما ألقاه من ضوء كثيف على ما تعانيه البشرية من عوار واختلالات وصراعات ومشاكل نحن في غنى عنها إذا ما صفت القلوب وخلصت النوايا وتوحدت الإرادات على أهداف نبيلة لإقرار العدل والسلم والتعاون والتآلف لتحيا البشرية بروح إنسانية تبدل الخوف أمنا والجوع إشباعًا والاضطراب استقرارًا والبؤس نعيما وراحة.. وما ذلك على الله بعزيز.