وماذا عن ملايين الأطفال البؤساء؟!
لقد تساءل البعض ونحن معهم: لماذا انتزع الطفل المغربي ريان كل هذا التعاطف بإجماع وطنى وعالمي وتدفقت لأجله مشاعر إنسانية نبيلة متجاوزة حدود اللغة والعرق والدين والجنس لتلبس رداء الطهر والنقاء والرقي والنبل والإنسانية في أصفى معانيها.. أي طفل هذا الذي تحركت الدنيا بأسرها لإنقاذه بعد أن كسب ودّ وتعاطف الملايين حول العالم.
لقد رحل الطفل المغربي ريان عن عالمنا وسط حسرة وألم لفّ الكرة الأرضية وبقيت تساؤلات كثيرة تبحث عن إجابة تشفي صدور ملايين الأطفال البؤساء في شتى البقاع. يمكن القول باطمئنان إن فاجعة الطفل المغربي ريان وحدت القلوب التي تآكلت بفضل الأحقاد والكراهية والصراعات وجعلت القاصي والداني يتنبه للإنسانية التي تجمعنا؛ وهي وحدها قادرة على بناء عالم مفعم بالنبل والرقي والسعادة والتراحم والحياة في أصفي معانيها.
من بطون المحن تولد المنح وربما كانت تلك الفاجعة سببا في استشعار ضعفنا، وأن أمام الأقدار لا نملك سوى رحمة الله ولطفه وأننا ضعفاء جدًا رغم ما أوتينا من تقدم ورخاء وازدهار لكننا رغم كل ذلك لا نملك دفع الضر عن أنفسنا.. وأكبر دليل على ذلك ما عاشته البشرية ولا تزال من رعب بعد اجتياح فيروس كورونا لعالمنا الذي أصبح أقل أمانًا وأكثر قلقًا وبؤسًا.. الأمر الذي يمثل فرصة للعودة الطوعية إلى إنسانيتنا وتقويم ما اعوج من سلوكياتنا وخروج بعضنا أو أكثرنا على القيم والتقاليد والروح الإنسانية.
يحدونا أمل أن تسترد الأخلاق والتقاليد الإنسانية القويمة عافيتها وتأثيرها في دنيا البشر ليجنح العالم إلى ضفاف الأخوة والمحبة والتضامن والتعايش المشترك والسلام وقبول الآخر مؤمنين بأننا جميعًا نعيش هذه الحياة وبقاؤنا ورحيلنا بيد الله رب العالمين الذي يقول للشيء كن فيكون.. "فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ".