تركز على الإثارة والجدل.. سر جهل البرامج الإعلامية السياسية بالتحديات الحقيقية للمنطقة
منذ سنوات ومقدار الثقة يتراجع باستمرار في قدرة الإعلام، ولاسيما البرامج السياسية والفكرية التي تذاع على الشاشات العربية على طرح الأزمات الحقيقية التي تعاني منها الشعوب، فمن الإسراف في صناعة الجدل بموضوعات هامشية إلى إثارة الجدل وتفجير الصراعات حول الدين والقيم، بما لايعود على المجتمع بأي شيء إلا مزيد من الاستقطاب والاحتقان.
عبء كبير على المجتمعات العربية
يقول محمد الرشيدي، الكاتب والباحث أن البرامج السياسية التلفزيونية أو الإذاعية العربية أصبحت عبء كبير على المجتمعات العربية، لافتا إلى أن المنطقة تشهد تحولات تاريخية واقتصادية ومستقبلية وسهل جهل كبير من الإعلام السياسي بكيفية إيجاد الدور المناسب لطبيعة التحولات.
أضاف: غالبا ما يستببون لدول لها ثقلها بالمنطقة في ضرر بالغ، بسبب جهل المذيعين بالعلاقات الدولية والبروتكولات والاسس التي تحكمها، بجانب عدم تفهمهم للحسابات السياسية والأمنية والدبلوماسية للبلدان المختلفة.
وتابع: لايهتم الإعلاميون القائمين على البرامج السياسية والفكرية إلا في التمجيد بأنفسهم والتفكك من كل القيود، والمبالغة في الثقة بقدراتهم الفكرية والسياسية، بينما هم بحكم مسيرتهم وخبراتهم شخصيات أقل من عادية في موازين الفكر والسياسة.
معلومات غير مجردة من الهوى
واستكمل: لاتعطينا هذه البرامج المعلومة السياسية أو التاريخية التي نتوقعها مجردة من الهوى والتحريف والتضخيم والتفخيم، وكأن غيرهم لم يقرأ عنها، أو يعرف في سيرتها الكثير.
وأوضح الباحث أن الكثير من أخطاء هذه البرامج على المستوى المهني والسياسي مرت مرور الكرام، لافتا إلى خطورة ذلك على المرحلة التي تحياها المنطقة، والتي تحتاج إلى عقليات من نوع خاص قادرة على قراءة المشهد السياسي العربي والإقليمي من حولنا، والتحديات والمخاطر التي نحياها على حد قوله.
وبحسب العديد من الدراسات الإعلامية، يعاني الإعلام العربي من أزمة حقيقية تتفاقم يومًا بعد يوم، بسبب فقدانه بوصلة الهوية من ناحية، والمهنية من ناحية أخرى، بعد أن تخلى خلال السنوات الماضية عن الكثير من قواعد المهنة، والخبر الموثوق، والتحقيقات والتحليلات ذات المصداقية.
ولم يستفد الإعلام من عودة المسؤولين والجمهور إليه كمصدر موثوق خلال عام وباء كورونا، إذ كانت فرصة ذهبية ليثبت الإعلام حاجة الحكومات والجماهير للمؤسسات الإعلامية الجادة المهنية، لكنه انساق إلى نهج الإثارة على حساب الجدية وفقد توازنه ودوره لدى السلطة والجماهير.