رئيس التحرير
عصام كامل

كيف نجح قطب العارفين ابن عطاء السكندري في جمع شمل الصوفية والسلفية؟

إبن عطاء السكندري
إبن عطاء السكندري

يسمع الكثيرون عن الحكم العطائية، لصحابها ابن عطاء السكندري، لكن لا تتوفر للبعض سيرته العطرة في الفقه الإسلامي، وعلاقته بالصوفية والسلفية وكيف وحد بينهما وأثرى مكتبة العلوم الإسلامية المختلفة بما يجعله أحد أعلام الفقه المصري والإسلامي على مر التاريخ.

 

من هو ابن عطاء السكندري 

 

هو أحمد بن محمد ابن عطاء الله السكندري، الفقيه المالكي والصوفي وأحد أركان الطريقة الشاذلية الصوفية، ولد بالإسكندرية عام 658 هـ ـ 1260م، وتوفى 709 هـ ـ 1309م.

 

يلقب إبن عطاء السكندري بقطب العارفين وترجمان الواصلين ومرشد السالكين، كان لوعظه تأثير في القلوب، وله فهم تام بكلام أهل الحقائق وأرباب الطريق، وله ذوق وفهم بكلام الصوفية وآثار السلف. 

 

سيرته الذاتية في العلم والفقه 

 

ينتسب ابن عطاء السكندري إلى قبيلة جذام التي وفدت إلى مصر بعد الفتح الإسلامي، واستوطنت بمدينة الإسكندرية حيث ولد ابن عطاء، ونشأ كجده لوالده الشيخ أبي محمد عبد الكريم بن عطاء الله، فَقيهًا يَشتغل بالعلوم الشَرعية واللغوية التي تلقاها منذ صباه. 

 

برع ابن عطاء في علوم التفسير والحديث والفقه والأصول، وفي العلوم العربية من نحو ولغة وبيان، وفي بداية حياته أنكر إبن عطاء الصوفية إنكارًا شديدًا، لكنه صحب أبا العباس المرسي، وتصوف على طريقة الشاذلي، بعد أن زال إنكاره للتصوف وتعصبه لأهل علم الظاهر.

 

يحسب لابن عطاء أنه لم ينقطع بتصوفه عن طلب العلوم الشرعية، ورسخ حقيقة أن الصوفية لا تعني التجرد وترك الاشتغال بالعلم، أو بأي أمر دنيوي آخر يُقْصَدُ به وجه الله تعالى.

 

ترك إبن عطاء الإسكندرية ورحل للقاهرة، بعد اكتمال علمه الفقهي والصوفي، واشتغل بالتدريس والوعظ حتى وفاته في القاهرة بالمدرسة المنصورية، حيث شيع جثمانه في جنازة مهيبة حافلة ولايزال قبره فيما يعرف بالقرافة قرب المقطم. 

 

أقوال أهل العلم عن ابن عطاء 

 

قال عنه العلماء أنه كان جامعًا لأنواع العلوم من تفسير وحديث وفقه ونحو وأصول وغير ذلك، وكان متكلمًا على طريق أهل التصوف، واعظا انتفع به خلق كثير وسلكوا طريقه. 

 

يقول الإمام ابن الأهدل أن العارف بالله إبن عطاء، كان شيخ الطريقين، وإمام الفريقين، كان فقيهًا عالمًا ينكر الصوفية ثم جذبته بعد أن صحب شيخ المشايخ المرسي أبو العباس، ويوصفه الحافظ ابن حجر في  الدرر الكامنة، أنه قام على الشيخ تقي الدين ابن تيمية وبالغ في رفض أفكاره. 

 

ويرصد الذهبي شخصية إبن عطاء، مؤكدا أنه كان له جلالة عجيبة ووقع في النفوس ومشاركة في الفضائل، وكان يتكلم بالجامع الأزهر فوق كرسي بطريقة تروح لها النفوس، ومزج كلام القوم بآثار السلف وفنون العلم فكثر أتباعه. 

 

ومن تلاميذه ابن عطاء، ابن المبلق السكندري، وتقي الدين السبكي، شيخ الشافعية، ومن أقواله: ربما فتح لك باب الطاعة وما فتح لك باب القبول وربما قضى عليك بالذنب فكان سببًا في الوصول، ما نفع القلب مثل عزلة يدخل بها ميدان فكرة، من مدحك فإنما مدح مواهب الله عندك، فالفضل لمن منحك لا لمن مدحك.

 

من مؤلفاته لطائف المنن في مناقبِ الشيخ أبي العباس وشيخه أبي الحسن، والقصد المجرّد في فهم الاسم المفرد، وأصول مقدمات الوصول، والطريق الجادة في نيل السعادة، وتاج العروس الحاوي لتهذيب النفوس، ومفتاح الفلاح ومصباح الأرواح في ذكر الله الكريم الفتاح.

 

أما أبرز ما كتبه فهي الحكم العطائية على لسان أهل الطريقة، وتعتبر أبرز ما خطه، وحظيت ولازالت بانتشار كبير وبعضها يُدرس في كليات جامعة الأزهر، كما تَرجم المستشرق الانجليزى آرثر اربري الكثير منها إلى الانجليزيه، وترجم الأسباني ميجيل بلاسيوس فقرات كثيرة منها مع شرح الرندى عليها.

الجريدة الرسمية