الإنسانية المزيفة! (2)
رغم تعاطف العالم كله بمأساة الطفل المغربي ريان إلا أن هناك تساؤلا أهم وأعمق: لماذا تعاطف البشر على اختلاف ألوانهم وألسنتهم وأجناسهم ودياناتهم مع الطفل المغربي ريان دون غيره من آلاف "الريانين" (جمع ريّان) الذين شردتهم الحروب ودمرتهم الصراعات وقتلهم الجوع والبرد وأزهقت أرواحهم المطامع في بلدان عديدة منها مثلًا سوريا واليمن والعراق وليبيا وغيرها..ناهيك عن سوء التغذية والحرمان من التعليم والحياة الآدمية الآمنة في بقاع كثير على وجه المعمورة؟!
في أزمة الطفل ريان حبس الناس أنفاسهم في منطقتنا العربية والعالم وتعلقت الأبصار بمحاولات إنقاذ فشلت في الحفاظ على روح الطفل المسكين وكانت النهاية حزينة وصادمة بعد الإعلان عن إخراج الطفل ريان مباشرة لأحد المستشفيات وإن كانت هناك روايات تزعم أن الطفل العالق مات فور سقوطه في البئر.
وأيًا ما كان الأمر فهو فاجعة كنا نرجو لو حركت قادة العالم وأصحاب القرار فيه باتجاه وقف الحروب ومعاناة الأطفال في شتى أنحاء الأرض والذين يرزحون تحت نير الفقر والجوع والخوف في مناطق النزاعات والحروب والبرد القاسي في مخيمات بائسة أو الآلاف الذين يتسولون قوت يومهم في الشوارع في بلدان عديدة ثم لا يجدون تعاطفًا ولا يدًا تمتد إليهم لترفع عن كاهلهم ذلك البؤس والشقاء.
تركيز الإعلام وكثافة التغطية التليفزيونية واهتمام وسائل التواصل الاجتماعي خلق دون شك مزيدًا من التعاطف والاهتمام مع حالة الطفل ريان، وهو ما لا يتوفر في حالات مأساوية ل أطفال آخرين في سوريا واليمن وغزة وغيرها.. فهل يكون مثل هذا الاهتمام بداية لصحوة ضمير الإنسانية والانتباه للطفولة المنكوبة في مناطق أخرى.