لماذا تضع السلفية محظورات شديدة على من يتولى إمامة الصلاة؟
تمتلك السلفية طوال تاريخها طقوسًا خاصة، تلتزم بشدة بما توصل إليه الأولين والسابقين في الإسلام، تضع نصب تركيزها على التفاصيل التي قد تفسد القلب والروح برأي السلف حتى لو كانت «إمامة صلاة»، ولاتهتم وأنصارها بمن يعتبر هذا الالتزام الصارم من مظاهر التشدد، المهم أن تصل رسالتها كما يجب أن يكون.
تحذيرات ابن تيمية لأئمة الصلاة
وينقل السلف تحذيرات شديدة من الإمام اﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ لكل من يريد الصلاة بالناس إماما، حيث يقول:"ﻫﻲ ﻓﺘﻨﺔ ﻟِﻤَﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮﻑ ﻭﺍﻟﺮﺋﺎﺳﺔ، ﺣﺘﻰ ﺭُﺑَّﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻃﻠﺒُﻬﺎ ﻣﺜﻞ ﻃﻠﺐ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕِ ﻭﺍﻹﻣﺎﺭﺍﺕِ، ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻣﻦ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﻌﻠﻮ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ؛ ﻭﻫﺬﺍ ﻣُﻀِﺮٌّ ﺑﺎﻟﺪِّﻳﻦ.
يضيف: ﺭَﻭﻯ ﻛﻌﺐ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﻋﻨﻪ ﷺ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ: (ﻣﺎ ﺫِﺋْﺒﺎﻥِ ﺟﺎﺋﻌﺎﻥِ ﺃُﺭْﺳِﻼ ﻓﻲ ﻏﻨَﻢٍ ﺑﺄﻓﺴَﺪَ ﻟﻬﺎ ﻣِﻦ ﺣِﺮﺹِ ﺍﻟﻤَﺮْﺀِ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺎﻝِ، ﻭﺍﻟﺸﺮَﻑ ﻟِﺪِﻳﻨِﻪ، ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ: ﺣﺪﻳﺚ ﺣﺴَﻦ ﺻﺤﻴﺢ.
ويتخوف ابن تيمية على إمام الصلاة من ﺍﻧﺘﻔﺎﺧُﻪ ﻭﺍﺧﺘﻴﺎﻟُـﻪ، ﻭﺃﻥ ﻳُﻔﺘﻦ ﺑﺎﺷﺘﻬﺎﺭﻩ؛ ويذكر كل من يريد الإمامة بصلاة ﺣﺬﻳﻔﺔُ ﺑﻦ ﺍﻟﻴﻤﺎﻥ ﺇﻣﺎﻣًﺎ الذي ﻗﺎﻝ: ﻟﺘﺼﻠُﻦّ ﻭُﺣﺪﺍﻧًﺎ، ﺃﻭ لَتَـلتَمِسُنَّ ﻟﻜﻢ ﺇﻣﺎﻣًﺎ ﻏﻴﺮﻱ، ﻓﺈﻧﻲ ﻟﻤّﺎ ﺃَﻣَﻤﺘُﻜﻢ ﺧُﻴِّﻞ ﺇﻟﻲَّ ﺃﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻜﻢ ﻣِﺜﻠﻲ، ولهذا يحذر ابن تيمية السلفية وغيرهم من المسلمين، من شهوة وحب الترؤس وتكثير الأتباع ولو كان ذلك في إمامة الصلاة.
عن السلفية وتاريخها
والسلفية هي اسم لمنهجٍ يدعو إلى فهم الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة والأخذ بنهج وعمل النبي محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته، والتابعين وتابعي التابعين باعتباره يمثل نهج الإسلام، والتمسك بأخذ الأحكام من كتاب الله، ومما صح من حديث النبي محمد.
تتمسك السلفية بالنقل الكامل لكل ما كان يدور في عصر الصحابة، ولاتخرج عنه قيد أنملة، وتقوم في جوهرها على التزام منهج القدامى في فهم النصوص الشرعية، وتعتبرهم وحدهم المرجع الجامع الذي يجتمع عليه السلفيون، وفي اللغة تعني السلفية الرجوع للسابقين زمنيًا.
برزت السلفية بمصطلحها هذا على يد الإمام أحمد بن تيمية في القرن الثامن الهجري، ثم جاء الشيخ محمد بن عبد الوهاب وقام بإحياء المصطلح من جديد في منطقة نجد بالقرن الثاني عشر الهجري، وانتشر منها إلى المنطقة العربية والإسلامية، ومن أهم أعلامهم حتى الآن عبد العزيز بن باز، ومحمد ناصر الدين الألباني، ومحمد بن صالح بن عثيمين، وصالح الفوزان.