طارق الشناوي والذين معه !
اتصلت -قبل سنوات طويلة عندما كنت رئيسا لتحرير أحد برامج التلفزيون المصري- بالكاتب الكبير عادل حمودة لاستضافته فاعتذر علي الفور وبمنتهي الذوق.. لكنه أضاف: أريد تقليل ظهوري علي الشاشة هذه الأيام.. قلت: لكنك كنت معنا من فترة قريبة في البرنامج بنسخته السابقة؟ قال دون تفكير: ما هو علشان كنت معاكم قريب لا أستطيع الحضور.. أريد ترشيد ظهوري لأن كثرة الظهور يقلل من قيمة الكاتب !!
نتذكر ذلك اليوم ونحن نتابع الناقد الفني الكبير طارق الشناوي الفترة الأخيرة.. وقد ظننا أن هناك أكثر من شخص يحمل الاسم نفسه.. أو أنه يقوم بدورين في البرامج.. أو أنه يسجل مداخلات جاهزة ويدير مساعدوه التسجيل وصورته علي الشاشة بينما هو علي الهواء بأحد الاستديوهات في برنامج آخر! في "رطرطة" لا معني لها ولم تكن لتليق به!
سينما وحيد حامد
حتي أنه في أزمة الفيلم المشبوه "أصحاب ولا شياطين" كان كمن يحمل مسئولية الدفاع عنه علي عاتقه! كأنه شريكا في الإنتاج يخشي علي عوائده أو له نسبة من الأرباح يخاف عليها! حماس بالغ علي كلام فارغ بلغ حد القول أن السينما ليس بالضرورة تقول رسالة!!
نعم؟! أومال إيه؟! إعلان بلا منتج وبلا شركة وبلا مواصفات لكن زبائن فقط؟! حتي أن أي مواطن -وليس شرطا أن يكون كاتبا صحفيا- أن يراجع ما قاله في مدح الراحل وحيد حامد وسينما وحيد حامد ليكون ذلك كافيا ليعرف الناس أن ما يقوله هنا عكس ما يقوله هناك دفاعا عن الفيلم المذكور! عن سينما القضايا الصعبة والملفات السياسية والرسائل الاجتماعية والتناول اللي مش عارف إيه وإيه عن وحيد حامد.. وكله كله عكس ما يقوله دفاعا عن الفيلم المقرف !
طارق الشناوي وقد زادت مشاكله عن الحد وتحديه للمجتمع بات مثيرا.. يتعارك مع هاني شاكر لمجرد أنه يقوم بواجبه في ضبط شكل ومضمون الغناء المصري مدعوما من الأغلبية الكاسحة من شعبنا ثم لا يتوقف عند ذلك بل يصل الأمر إلي القضاء بعد تأزم الأمور ثم لا يتوقف عند ذلك أيضا بل تجده طرفا في كل القضايا المطروحة!
تحية والثورة
الحالة السابقة انعكست علي الأداء المهني للناقد الكبير.. فقبل أشهر كتب -مثلا- عن الفنانة الكبيرة تحية كاريوكا -والمدهش أن له كتابا عنها- كيف إعتقلت بعد ثورة يوليو.. وأنها صاحبة مقولة "ذهب فاروق وجاء فواريق" وهي الجملة الأثيرة عند جماعة الإخوان التي رددها بكثافة من خلال جهازها الاعلامي رغم عدم وجود دليل قطعي ينسبها لها لأنها طبعا تستهدف أبناء الجيش العظيم!
والمؤسف أن طارق الشناوي يذكرها في سياق اعتقال الثورة لتحية وزوجها.. دون أن يوضح للناس ما ينبغي عليه توضيحه من أن الفنانة الكبيرة أحبت بإخلاص أحد ضباط الجيش اسمه مصطفي كمال صدقي.. كان يساريا متعصبا يقاوم الاحتلال البريطاني.. واليساريون المصريون كانوا ضد الثورة في بدايتها وإتهموها بانها ديكتاتورية عسكرية حتي ضبطت الأجهزة المختصة منشورات تحريضية وأوراق لتنظيم سياسي في بيتها كانت تخص زوجها، ولذلك أفرج عنها فيما بعد (يقول هو إنها اعتقلت علي ذمة تنظيم حدتو الشيوعي بينما يقول الكاتب اليساري سليمان شفيق اعتقلت بتهمة عضوية تنظيم عصبة السلام الموالي للاتحاد السوفيتي وقتها)..
وكانت الأمانة تقتضي أن يقول أن اليسار المصري تبدلت مواقفه عندما رأي التوجه الوطني للثورة وأيدوها عندما اتجهت لتحقيق أحلام المصريين في الاستقلال والكرامة واسترداد ممتلكات الشعب كقناة السويس.. وأن تحية كاريوكا نفسها صارت من أكبر أنصار الثورة وليست فقط -كما يقول هو بشكل مختصر جدا- وقفت إلي جانب الدولة في ٥٦ و٦٧ إذ أن الدولة نفسها دعمتها وكرمتها وكانت منذ عام ١٩٥٥ واحدة من أهم نجمات مصر من أفلام الفتوة إلي شباب امرأة إلي إحنا التلامذة إلي واسلاماه إلي الطريق إلي أم العروسة وغيرها وغيرها من عشرات الأعمال بما في ذلك المسرح والتلفزيون.. لكن طارق الشناوي يختار ما يخدم موقفه السياسي وليس التاريخ الصحيح للأحداث ولا الحقيقة!
أفكار مستوردة
طارق الشناوي يقول للإعلامي المرموق تامر أمين "إن علينا أن نعلم أبناءنا الإختيار.. يكون كل شي أمامهم مباحا ثم يقررون بأنفسهم ماذا يرون وماذا يرفضون"!! هذه الأفكار الغربية المستوردة بسلوفانها لا علاقة لها بمجتمعنا الذي للأسف شهد عبر أربعين عاما سابقة تعثر وتراجع في التعليم والثقافة لم يبلغ معها درجات الرشد المطلوبة إلي حد أن جماعة إرهابية اختطفت السلطة علي أكتاف نصف أبناءه باستخدام الدين وبتقديم بعض الخدمات! وفي مجتمع تتردد فيه الدولة بتحويل الدعم العيني إلي نقدي خوفا من عدم رشد أرباب الأسر وانفاقهم المبالغ المصروفة في غير موضعها!
للأسف ندافع بالباطل علي الباطل.. بأفكار منقولة كما هي لا تناسب مجتمعاتنا.. بما يؤكد أن الغزو الفكري الذي طالما قرأنا عنه يتم فعليا علي يد هؤلاء.. طارق الشناوي والذين معه.. أو الشناوي والذين معهم.. وهو ما يحتاج إلي مواجهتهم بمنتهي الحزم !!
طارق الشناوي إتهم هاني شاكر بعدم قبول الرأي الآخر.. نرجو أن يعمل هو بالنصيحة! وإلي حين ذلك.. سيبقي في الناحية الأخرى من منظور القيم التي نعرفها وتعرفها الأغلبية الكاسحة الكاسحة من شعبنا.. وعلي الجانب الآخر من موقفنا من أزمة الفيلم المشبوه -الذي بلا رسائل كما قال- والذي يعج بالسقوط الأخلاقي وتمرير الرسائل والمشاهد السلبية وتطبيعها في أذهان الناس ليتم الانتقال فيما بعد إلي خطوة أخري كما كان هذا الفيلم نفسه خطوة فوق خطوة عمارة يعقوبيان!!
وربما كان للحديث بقية عن هذا الفريق.. الذي علي الجانب الآخر من قيم أغلبية الشعب المصري.