مرفهاتي ومشخصاتي!
كما أن الألقاب كانت مدعاة التباهي والفخر والإشادة والتوقير فإنها كانت أيضا وسيلة للنيل من الآخرين والحط من قدرهم وسبهم وشتمهم!.. فنحن استخدمنا الألقاب في البداية للتمييز بين البشر والإشادة بهم وتقديم الإحترام لهم، مثل ألقاب أصحاب المعالي وأصحاب السعادة وأصحاب الجلالة ودولة الرئيس والباشا والبك والأفندى والأستاذ وحتى الحاج وغيرها من الألقاب الأخرى التى يتمسك بها من أطلقت عليهم حتى ولو تركوا مناصبهم التى حظوا بسببها بهذه الألقاب..
وفي هذا الصدد فقد سعى البعض إلى صك ألقاب جديدة لهم مثلما إستخدام لقب الإعلامى بدلا من مذيع، وإستخدام لقب فنان بدلا من ممثل!.. وهذا يعنى أن هناك من يحتمون وراء هذه الألقاب لكى يظفروا بقدر أكبر من إحترام الغير، حتى ولو كان احتراما ظاهريا، ومعاملة خاصة في المجتمع.
غير أننا فيما بعد استخدمنا ألقابا أخرى للحط من شأن الآخرين والنيل منهم والإساءة لهم، مثل تحوير لقب ثوري إلى لقب ثورجي على وزن عربجي، ومثل وصف الصحفي بالجورنالجي، ووصف الممثل بالمشخصاتي، على غرار ما شهدناه مؤخرا في استخدام ألقاب المرفهاتي والمشخصاتي.. ومن يدقق قليلا في الأمر سوف يجد أن ما يستخدم من ألقاب للحط من القدر والشأن لا يوجد فيه ما يزعج..
فمثلا إن الممثل الجيد الكفء هو من يتقمص الشخصية التي يقوم بتقديمها في الفيلم أو المسرحية أو المسلسل التليفزيوني أي هو المشخصاتي فعلا، وذات الأمر ينطبق على الصحفي الأسطى في مهنته الحرفي والمهني الحق، وقد كان محمد حسنين هيكل يتفاخر حتى نهاية عمره أنه جورنالجي ويصف نفسه دوما بذلك رغم أن الآخرين لقبوه بالأستاذ مع أن نقابة الصحفيين تمنح كل صحفي ينضم إليها لقب الأستاذ.
والأغلب إننا سوف نظل نستخدم الألقاب على هذا النحو.. تارة للفخر والتباهي والإشادة والتمييز بين الناس، وتارة أخرى للحط من قدر الآخرين والنيل منهم والإساءة إليهم، أى سوف يستمر التباهي بالألقاب ويستمر أيضا التنابذ بالألقاب ولله في خلقه شئون.