مشكلة خلع الأندروير ومشكلة زيادة التضخم !
درست وتعلمت تحليل الرأي العام على يد أستاذ قدير في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية خلال ستينات القرن الماضى هو الدكتور حامد ربيع رحمه الله.. وعندما احترفت مهنة الصحافة حرصت دوما على الاهتمام بـ الرأي العام.. استطلع ما يفكر فيه واستكشف ما يهتم به حتى أكتب ما يلبى اهتماماته.. وعندما توليت رئاسة تحرير مجلة المصور منحت اهتماما خاصا ل استطلاعات الرأى حول القضايا والأمور التي تشغل بال الرأي العام، واشتركت في إعداد وتجهيز استطلاعات الرأى هذه مجموعة من الشباب الواعد الذين لمعوا صحفيا فيما بعد..
وأذكر إن من بين استطلاعات الرأى هذه أعددنا استطلاعا للرأى حول وزراء حكومة دكتور أحمد نظيف لنعرف من الرأى العام من يريده أن يبقى ومن يريده أن يرحل.. وقد أثارت نتائج هذا الاستطلاع اهتماما في أوساط الحكم وقتها وعلى رأسهم الرئيس الأسبق مبارك، بين مسئول غاضب وآخر مرحب.
الرأى العام
والآن ونحن في بداية العقد الثالث من القرن الجديد مازال اهتمامى لا يفتر ب الرأي العام.. ومن هذا المنطلق أستطيع أن أقول بوضوح وبشكل مباشر إن ما يشغل الرأى العام في بلادى ليس هو ما يشغل المشاركين في الدردشة على مواقع التواصل الاجتماعى، أو حتى ما تنشره الصحف وتتداوله برامج التوك شو الفضائية، ويفرض على جدول أعمال البرلمان أحيانا.. وبكلمات أكثر تحديدا أستطيع القول إن ما يشغل الرأى العام فى بلادى الآن ليست مشكلة خلع ممثلة الأندروير الخاص بها في أحد مشاهد فيلم مقتبس على منصة مشاهدة امريكية، أو حتى مشكلة الأخلاق فى المجتمع..
إنما ما يشغل الرأى العام في بلادى، بل قل ما يؤرقه، هى مشكلة التضخم الوارد لنا من الخارج والذى بدأ بالفعل يرفع أسعار العديد من السلع الاساسية، خاصة السلع الغذائية، والمتوقع أن يزيد أكثر خلال الشهورالمقبلة لاحتمال حدوث انخفاض أيضا في الجنيه تحت ضغط تراجع بعض موارد النقد الأجنبى عندما يبدأ المركزى الامريكى في رفع أسعار الفائدة، خاصة الموارد المتحصلة من السندات والاذون الحكومية الدولارية.
أنا هنا لا أقلل من أهمية النقاش حول أى شىء حتى ولو كان عن مشهد إيحائى لخلع ممثلة الأندروير الخاص بها فى فيلم تعرضه منصة أمريكية لمن يشتركون فيها.. ولا أحجر على أحد أن يقول رأيه في الفيلم حتى ولو كان لم يشاهده.. ولا أطالب حاشا لله أحد من الزملاء الصحفيين والاعلاميين بالتوقف عن الخوض في تلك المسألة وإتخاذ ما يشاء من مواقف.. ولا أدعو أحد بتغيير رأيه في هذا الموضوع تحت راية (تعالوا إلى موقف سواء)..
وإنما أنا أنبه فقط الجميع أن ما يشغل الرأى العام أمر آخر ومشكلة أخرى وهم أكبر يتعلق بالتضخم الذى يأكل الدخول الحقيقية للعاملين بأجر، ويجبرهم على تخفيض استهلاكهم من سلع وخدمات ضرورية.. ومن حسن الفطن لمن يعملون في الصحافة والإعلام ويمثلوننا أيضا في البرلمان أن يدركوا ما يشغل بال الناس الذين يتحدثون اليهم ومعهم ويمثلوهم.