أفول أمسية هوليوود المفضلة
تجرعت رابطة الصحافة الأجنبية في هوليوود "HFPA" المنظمة والمانحة جوائز "الكرة الذهبية Golden Globe"، الكأس المر التي سبقها إليها ألمع منتجي هوليوود هارفي واينستين، ومع إدانته بجرائم الاعتداء الجنسي والتحرش، أفل نجمه وانطفأ بريق أعماله الأشهر عالميًا. انتفاض نجوم هوليوود ضد التمييز والعنصرية والاعتداء على النساء أتى ثماره مع المنتج واينستين وكثير من الأسماء اللامعة في الفن والإعلام، إن كان في الولايات المتحدة أو أوروبا.
وجاء الدور هذا العام على رابطة الصحافة "HFPA" التي تضم نحو 100 كاتب يعملون مع مطبوعات أجنبية، ورغم أن أوساط هوليوود درجت منذ فترة على انتقاد الرابطة واتهام أعضائها بتجاوزات وانتهاكات عدة منها الفساد والعنصرية والتمييز على أساس الجنس والتحرش، تجاهلت الرابطة الاتهامات ربما لتداولها بعيدًا عن الأضواء، وهو ما فطن إليه موجهو الاتهامات، وقرروا وضع مستقبل الرابطة وجائزتها "Golden Globe" للأعمال السينمائية والتلفزيونية على المحكّ.
وبعد إعلان وتوزيع جوائز دورة العام 2021، وجه أكثر من 100 كاتب في مارس الماضي، رسالة إلى الرابطة في هوليوود، دعوا خلالها وضع حد للفساد والسلوك التمييزي وغير المهني وانتهاك الأخلاقيات، ونشروا الرسالة إعلاميًا وحشدوا كثير من نجوم هوليوود لتأييد مطالبهم واتخاذ موقف من الرابطة، التي سارعت بدورها لمواجهة الضجة المثارة ضدها باعتماد سلسلة إصلاحات، من بينها ضم 21 عضوًا جديدًا بينهم 6 من ذوي البشرة السمراء لتعزيز تمثيل الأقليات فيها..
كما حظرت قبول الهدايا الفاخرة أو النزول في فنادق تتولى شركات الإنتاج الكبرى دفع نفقات الإقامة فيها عن أعضاء الرابطة، سعيًا منها للتودد إليهم لكي يصوتوا لصالح أفلامها ومسلسلاتها كي تنال "الكرة الذهبية"، ما يؤكد أن معايير الشفافية والتنوع والاستحقاق تغيب عن الجائزة الشهيرة.
رغم التغييرات التي أعلنتها الرابطة، اعتبر ثنائي هوليوود سكارليت جوهانسون ومارك رافالو، علنًا أنها غير كافية، وعبر توم كروز، عن احتجاجه على ما يحدث بإعادة الجوائز الثلاث التي فاز بها في السابق إلى الرابطة. بموازاة تحرك نجوم هوليوود لمواجهة فساد رابطة الصحافة، أعلنت مجموعة من الاستديوهات الكبيرة مثل وارنر براذرز ونتفليكس وأمازون، عدم تعاونها ثانية مع الرابطة وجائزتها الشهيرة ما لم تنفذ تغييرات مهمة وكبيرة.
ذريعة كورونا
قبل أيام من موعد حفل الدورة 79، فوجئت الرابطة بمقاطعة واسعة من نجوم هوليوود وسعت إلى استمالة بعضهم ولم تجد قبولًا، كما قررت شبكة NBC مالكة حقوق البث الحيّ للحفل إلى العالم كله، الامتناع عن نقله هذا العام تضامنًا ع مطالب الإصلاح الشامل، فلم يجد منظمو Golden Globe أمامهم سوى إتخاذ جائحة كورونا ذريعة لإقامة حفل بلا بساط أحمر ودون نقل تلفزيوني أو حضور نجوم، ولم يتطرقوا إلى الانتقادات والمقاطعة الواسعة فنيًا وإعلاميًا، على أن يقام حفل توزيع الجوائز كالمعتاد بفندق بيفرلي هيلتون في بيفرلي هيلز، لتسليط الضوء على الأعمال الخيرية للرابطة، التي تبرعت خلال السنوات الـ25 الماضية بأكثر من 50 مليون دولار لجمعيات خيرية.
وبالنظر لهذه المعطيات، لم يشبه احتفال الدورة الـ 79 من Golden Globe، في شيء ما كان يوصف لعشرات السنين بـ أمسية هوليوود المفضلة، وهو أول غيث موسم الجوائز الأساسية في الولايات المتحدة التي تنتهي بحفل جوائز الأوسكار.
اضطرت الرابطة لتنظيم حفل محدود خلف أبواب مغلقة في بيفرلي هيلز، شهد مقاطعة هوليوودية كاملة ولم ينقل تلفزيونيًا، وأعلن المنظمون أسماء الفائزين عبر موقع الجائزة والحسابات الاجتماعية، ولم يظهر في الحفل إلا الثنائي أرنولد شوارزنيجر وجيمي لي كورتيس، في فيديوين مسجلين سلفًا نُشرا في الصفحات الاجتماعية للجائزة، أشادا فيهما بعمل الرابطة ودعمها البرامج المجتمعية وتبرعها للأعمال الخيرية، ولم يحظَ بث الحفل عبر الإنترنت وحسابات الجائزة، باهتمام نظرًا للانشغال بمتابعة خبر العثور على الممثل الأميركي الكوميدي بوب ساغيت، ميتًا في غرفته بالفندق بعد تقديمه عرضًا جماهيريًا قبلها بساعات.
وهكذا اجتمعت الأسباب لضرب الكرة الذهبية في مقتل، لتبدأ مرحلة أفول بعد سنوات طويلة من التوهج، ورغم كونها جائزة غير رسمية إلا أن حفلها كان يجتذب ملايين من مشاهدي التلفزيون لمتابعة نجوم ومشاهير هوليوود، فضلا عن النتائج التي تعد مؤشرا مهما لجوائز الأوسكار أعلى تكريم في صناعة السينما الأمريكية.
خلال الحفل الدورة 79، تصدرت Netflix شركات الإنتاج بأربع جوائز في فئة الأفلام، في حين فازت HBO وHBO MAX بست جوائز في فئة التلفزيون. وفاز فيلم The Power of the Dog قوة الكلب والنسخة الجديدة من فيلم الجريمة والدراما West Side Story قصة الحي الغربي، بأهم الجوائز ويشكل فوز كل منهما بثلاث جوائز تكريسًا لهما كمنافسين أساسيين على جوائز الأوسكار في مارس المقبل.