كباش داخلي وتصويب خارجي
استهل قادة التيارات والطوائف في لبنان، العام الجديد، بكباش سياسي داخلي واتهامات متبادلة بالفساد والسرقة، لينتقل الكباش إلى تصويب خارجي عنيف، خصوصا على السعودية، ما ينبئ بمزيد من انهيار لبنان الذي كان "سويسرا الشرق" فأصبح قاب قوسين من الدولة الفاشلة، نتيجة فساد ينخر في كل المؤسسات الحكومية وزعماء طوائف لا يهمهم إلا مكاسب سياسية وفئوية على حساب شعب يفتقد أدنى مقومات الحياة.
دعا الرئيس اللبناني ميشال عون، الأسبوع الماضي إلى حوار وطني جامع لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، لكن دعوته لم تلق أي تجاوب من الحلفاء أو الخصوم، لأن عون طرفًا في الأزمة بانحيازه إلى صهره النائب جبران باسيل، وتحالفه مع حزب الله، ما أفقده الحياد المطلوب لإدارة الحوار، ثم كيف يكون حَكما بين الطوائف، وهو على خلاف معهم خصوصا رئيس البرلمان نبيه بري.
لم يمر فشل دعوة ميشال عون للحوار وتبعها كباش سياسي بين رئاستي الجمهورية ومجلس النواب، استهلها جبران باسيل صهر عون، بمؤتمر صحفي قاطعته غالبية الفضائيات اللبنانية، ومع هذا حمل بعنف على رئيس البرلمان نبيه بري وحركة أمل، ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ودعا حليفه حزب الله إلى تصحيح ممارساته، ملمحًا "لن نخسر الدولة من أجل المقاومة".
اتهامات متبادلة
جبران باسيل اتهم سمير جعجع، أنه أداة للخارج، وتواطأ مع سورية في العام 1990، والآن معروف للجميع هو على أي طريق، كما هاجم جبران باسيل الرئيس نبيه بري، واتهمه بتعطيل مجلس النواب "البعض حوّل التوافقية لحق نقض يستعمله لمنع اجتماع مجلس الوزراء، ومنع التصويت على قرارات هو يرفضها". ثم عاد جبران باسيل إلى اتفاق "مار مخايل" مع حزب الله في 2006، وأن التيار الوطني الحر برئاسة ميشال عون، رفض وقاوم حينها محاولة المجتمع الدولي وشركائه اللبنانيين لعزل حزب الله، واتفقنا معًا على الاستراتيجية الدفاعية والديموقراطية التوافقية على أن يكون سلاح المقاومة لحماية لبنان فقط، لكن حزب الله الآن يغطي ويحمي الفساد ويهدد الدولة، ما يستوجب تطوير الاتفاقية لمواجهة التحديات.
وبينما لم يرد سمير جعجع، على اتهامه بالعمالة للخارج، استعرت الحرب من رئيس البرلمان نبيه بري، وتولى الرد عنه، مستشاره السياسي وزير المال السابق النائب علي حسن خليل، الذي هاجم في مؤتمر صحفي ميشال عون وصهره جبران باسيل، معددًا فضائحهما والمنزلق الخطير الذي أخذا فيه البلد.. وكان واضحا أن تصويب جبران باسيل، هينًا على حليفه حزب الله ودعا إلى تطوير اتفاق "مار مخايل" وعدم إلغاءه، لأن حسن نصر الله حريص على مسايرة رئيس البرلمان نبيه بري وحركة أمل حفاظا على وحدة الصف الشيعي.
لكن الشارع اللبناني، فوجئ بهجوم لافت من الأمين العام الأسبق لـ حزب الله الشيخ صبحي الطفيلي، الذي رأى أن "الحزب في عهد حسن نصرالله، يعتمد سياسة التعطيل وشلّ مؤسسات الدولة وتفكيكها، وأن رئيس الجمهورية ميشال عون وصهره جبران باسيل، ظنا أنهما يستخدمان حزب الله لتحقيق مصالحهما، لكن اكتشفا بعد فوات الأوان، أنهما كانا أداة في تنفيذ مشروع نصرالله لتدمير البلد".
أدى الكباش السياسي، إلى تقلص قيمة الليرة الشرائية أمام الدولار لأكثر من 95 في المئة، ومع إطلالة حسن نصرالله، توقع البعض أنه سيرد على السجال الدائر وأزمات الشعب الخانقة، لكنه اكتفى بالقول أن "حزب الله حريص على التحالف مع الرئيس ميشال عون، وسيبحثا محاربة الفساد ومحاسبة المختلسين واستعادة الأموال المهربة إلى الخارج".
وأرجأ حسن نصرالله، الحديث عن الهم الداخلي، لأن إطلالته مخصصة لتأبين قاسم سليماني القائد السابق لفيلق القدس الإيراني وأبومهدي المهندس النائب السابق لرئيس الحشد الشعبي العراقي، في ذكرى مقتلهما الثانية. لكنه تعمد تعميق الأزمة مع السعودية برده على الملك سلمان، الذي دعا اللبنانيين لمواجهة هيمنة حزب الله، فكال نصرالله الاتهامات للمملكة. وهنا إلتزم الرئيس ميشال عون الصمت، ولكن سارع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، بإصدار بيان استنكر فيه كلام حسن نصرالله، مؤكدا أنه "لا يمثل الحكومة ولا الشريحة الأكبر من اللبنانيين".
ما يحدث في لبنان يؤكد مرارا وتكرارا هيمنة حزب الله على مقدرات البلد، وأنه ماض في مشروعه السياسي لكي يكون لبنان جزء من إيران.