الدخلاء.. وإعلام الدجالين والعرافين!
كثرة الدخلاء على الصحافة والإعلام لم تحرم فقط خريجي الإعلام من فرصهم المستحقة في العمل بمهنة تخصصوا في دراستها وتعبوا لأجل الحصول على شهادتها بل حرمت الجمهور كذلك من سمو الرسالة وجودة محتواها وموضوعيتها.. هل رأيتم كيف يهتم إعلامنا بأحداث تافهة من عينة "سيدة البلكونة" ويستضيف الدجالين والعرافين ليستطلع رأيهم فيما خفي في علم الغيب.. أليس هذا إغراقًا في الخرافة وتسفيهًا للعلم والعقل واستهزاء بالمشاهد؟!
المتتبع لما تقدمها الفضائيات من برامج ودراما من يناير 2011 يجد عجبًا؛ فكثير منها برامج وأعمال تافهة تحرض على الكسل والانقسام والاستقطاب ولا يملك مقدموها أدنى مقومات النجاح.. ولعل ما رصدته مراكز أبحاث واستطلاعات الرأي من أخطاء فادحة وسقطات وقع فيها بعض الإعلاميين في تناول أحداث عديدة أضرت بمصر وأهلها كثيرًا.
إفتقاد المعايير المهنية والعلمية في المذيع والإعلامي والصحفي الحق أضر بخريجي كليات الإعلام وأقسامها الكثيرة أيَّما ضرر وأضاع عليهم ما أنفقوه من مال وجهد ووقت في سنوات دراستهم؛ أملًا في اللحاق بوظيفة طالما حلموا بها، وتحرقوا شوقًا إليها.
والنتيجة أن كثرة غالبة من خريجي الإعلام صاروا متعطلين عن العمل في الإعلام الذي هم أهله وأحق به وأولى؛ لما درسوه من مناهج متنوعة في فنون الصحافة والإذاعة والتليفزيون والإخراج والاجتماع والسياسة والاقتصاد والتشريعات والصحافة الإلكترونية سواء في كلية إعلام القاهرة التي انطلقت أولى دفعاتها 1975 بديلا لقسم الصحافة الوحيد بكلية آداب القاهرة أو في غيره من كليات وأقسام متخصصة.
مثل هذه المناهج أسهمت في تأهيل خريجي الإعلام والصحافة لأداء مهنتهم بعلم وموهبة وقدرة على استيعاب متغيرات عصر الصحافة الإلكترونية وتطويعها لخدمة قضايا المجتمع وتنميتها عبر إنتاج محتوى مبدع يأخذ بألباب المتلقين ويغذي عقولهم وأرواحهم ووجدانهم ويبني عن بينة اتجاهات الرأي العام بصورة إيجابية وينمي الوعي الجمعي وينقل الأخبار بتجرد وموضوعية ليكشف عن أوجه القصور والفساد ويحارب الإرهاب ويصحح المفاهيم المغلوطة.