المنجمون وطالع مصر !
في أحد الأيام التي كنت أتولى فيها مسئولية إدارة تحرير المجلة أخبرنى سكرتير التحرير أن رجل الفلك الذى يعد لنا باب حظ الأبراج أسبوعيا مريض ولن يتمكن من إعداد باب الأسبوع المقبل، وإزاء ذلك إقترح بدلا من أن نؤجل الباب أن ننشر بابا سابقا بعد إعادة ترتيب حظ الابراج، وعندما أحس الرجل باستنكارى ابلغنى أن رجل الفلك إعتاد أن يفعل ذلك من قبل!
أحكى هذه الحكاية للدليل على أن ما ينشر ويذاع في باب الأبراج لا يصلح لقراءة طالع الدول أو لاستقراء مستقبلها، رغم أن بعض المسئولين والحكام كانوا يعتمدون على المنجمين في تمديد سياساتهم وصياغة قراراتهم المختلفة ونهج التعامل مع خصومهم وأصدقائهم أيضا.
قراءة مستقبل الدول لا تحتاج لمنجمين وإنما إلى علماء سياسة متخصصين وخبراء علم إجتماع وعلم إقتصاد وربما علم نفس أيضا.. إنها تحتاج لمفكرين وعلماء وليس لمنجمين أو قارئى الطالع حتى ولو كانوا دارسين لحركة الأبراج وتطورات هذه الحركة ودلالتها.
لذلك أنا أتابع ما يقال عادة في ختام كل عام حول العام المقبل بالنسبة لمستقبل بلادى باعتبارها مواد اعلامية يتعين أن ننساها فور قراءتها أو سماعها، والدليل أن أهم الأحداث الكبيرة التى شهدتها البلاد في العقد الماضى لم يتنبأ بها منجم أو رجل فلك، ابتداء من انتفاضة يناير، ومرورا بتولى الإخوان حكم البلاد، ثم الإطاحة بهم بعد عام واحد فقط بعد انتفاضة يونيو، وحتى تولى الرئيس السيسى مسئولية رئاسة الجمهورية وما شهدته البلاد فى سنوات حكمه حتى الآن..
لكنى مع ذلك أهتم جدا بما يقوله ويكتبه الخبراء في الاقتصاد والسياسة وحركة المجتمعات لأنهم يقدمون قراءة جادة للواقع الذى يصنع لنا المستقبل.. وقراءتنا السليمة والصحيحة للواقع ستجعلنا جاهزين لمواجهة أية تطورات وأحداث مستقبلية وتحديات تنتظرنا، سواء كانت تحديات داخلية أو إقليمية أو عالمية .