حمدوك: الاتفاق السياسي تعثر.. وأمن السودان "مهدد"
قال رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك: إن الاتفاق السياسي الذي أبرمه مع قائد الجيش عبد الفتاح البرهان تعثر، محذرًا من "تراجع كبير في مسيرة الثورة يهدد أمن البلاد ووحدتها واستقرارها".
ونشر حمدوك خطابًا بمناسبة الذكرى الثالثة لثورة ديسمبر 2018 التي قادت بعد أشهر قليلة إلى إطاحة نظام عمر البشير، تزامنًا مع احتجاجات حاشدة انطلقت مساء أمس السبت، ومن المتوقع أن تستمر حتى الأحد، للمطالبة بإبعاد الجيش عن المشهد السياسي.
الانزلاق نحو هاوية
وكان حمدوك عزل من منصبه في 25 أكتوبر الماضي على خلفية إجراءات من الجيش أطاحت المكون العسكري من الحكومة الانتقالية، لكنه عاد رئيسًا للحكومة بموجب اتفاق مع البرهان يوم 21 نوفمبر.
وقال رئيس الوزراء في خطابه: "إننا نواجه تراجعًا كبيرًا في مسيرة ثورتنا، يهدد أمن البلاد ووحدتها واستقرارها، وينذر ببداية الانزلاق نحو هاوية لا تبقي لنا وطنا ولا ثورة، ورغم ذلك لا زلت أعتقد جازمًا أن الثورة يمكن أن تمضي بحزم وعزم إلى غاياتها بالسير في طريق الحوار والتوافق الوطني".
وتابع: "هذا ما ظللت أعمل من أجله (...) حتى الاتفاق السياسي في 21 نوفمبر الماضي، كانت جميعها محاولات لحث الأطراف للجلوس لحوار شامل يفضي لتكوين كتلة وطنية من الذين يؤمنون بالتحول المدني الديمقراطي، لكن مبلغ الأسف أن هذه المبادرات جميعها قد تعثرت بفعل التمترس وراء المواقف والرؤى المتباينة للقوى المختلفة".
غضب الشارع
وبرر حمدوك توقيعه على الاتفاق الذي أثار غضب الشارع، قائلًا: إن ذلك "لم يأت استجابة لتقديرات ذاتية غير ناضجة أو تحت ضغط من أحد، إنما جاء عن قناعة تامة مني أن هذا الاتفاق في حده الأدنى سيؤدي إلى حقن دماء شبابنا وشاباتنا، رغم اقتناعي باستعدادهم للبذل والتضحية من أجل أحلامهم للوطن، لكنني لا أجد حرجا في أن أقول إن صون دماء هؤلاء الشباب وكرامتهم يظل واجبي الأسمى الذي لن أتنازل عنه، فإن ما نبحث عنه من مستقبل هو لهم وبهم".
الاعتقال السياسي
وأضاف: "كما سعيت عبر هذا الاتفاق لوقف عمليات الاعتقال السياسي وإطلاق سراح المعتقلين من القادة السياسيين، ليضطلعوا بأدوارهم ومسؤولياتهم الوطنية والتاريخية في العمل مع بقية قوى الثورة والتغيير لإكمال ما تعطل من مهام التحول الديمقراطي، ولحماية حق الثوار والثائرات في التعبير السلمي عبر مختلف أدواتهم".
وأردف حمدوك: "ما دفعني لذلك أيضًا أنني قد رأيت فيه فرصة لحماية منجزات تحققت على مدى العامين الماضيين من عمر الثورة وصون بلادنا من الانزلاق لعزلة دولية جديدة، إضافة لحقيقة أن الاتفاق في نظري هو أكثر الطرق فعالية وأقلها تكلفة للعودة إلى مسار التحول المدني الديمقراطي وقطع الطريق أمام قوى الثورة المضادة، ومواصلة الحوار بين مختلف المكوّنات لتقويم مسار الثورة والمضي بخطى ثابتة في ما تبقى من عمر ومهام الانتقال".
التحول المدني الديمقراطي
وطالب رئيس الحكومة "كافة قوى الثورة وكل المؤمنين بالتحول المدني الديمقراطي بضرورة التوافق على ميثاقٍ سياسي يعالج نواقص الماضي، وينجز ما تبقى من أهداف الثورة والانتقال الديمقراطي المتعلقة بقضايا السلام والأمن والاقتصاد ومعاش الناس، وإكمال هياكل السلطة وإقامة المؤتمر القومي الدستوري وصولا لانتخابات حرة ونزيهة".
ومن جهة أخرى، بدأ المحتجون التجمع في شوارع الخرطوم منذ ليل السبت، استعدادًا لاحتجاجات مقررة ضد دور الجيش في الساحة السياسية، والاتفاق الذي أعلن في 21 نوفمبر لإعادة حمدوك الذي كان قيد الإقامة الجبرية، إلى منصبه.