حتى لا يذهب خيرهم لغير بلدهم!
من شروط استمرار نجاح الموهوبين والمبتكرين أن نتعهدهم منذ نشأتهم، والاستمرار معهم دون كلل أو ملل أو تهاون فهم ذخيرة الوطن وهم عينه التي يبصر بها المستقبل وهم قادته ومفكروه وعلماؤه.. فمثل هذا الاهتمام من شأنه أن يوفر لهم بيئة مواتية للإبداع فيخرج لنا زويل جديد أو مجدي يعقوب آخر أو هاني عازر أو مصطفى السيد أو نجيب محفوظ أو العقاد أو طه حسين أو المنفلوطي أو أحمد لطفي السيد أو توفيق الحكيم.. فبمثل هؤلاء تبنى النهضات وتصنع الإنجازات والمعجزات ونناطح بهم السحاب.
لكن الفارق الذي سنراه ساعتها أن هؤلاء علماء مقيمون لا يذهب خيرهم لغير بلدهم؛ عينهم على مصر وقلوبهم مع مصر، وولاؤهم لمصر.. لا تغويهم المغريات ولا تبعدهم المسافات، هم النواة الصلبة والطليعة التي تنقل البلاد نقلة نوعية تضعها في مصاف الكبار..
والسؤال إذا كان ذلك كذلك.. فلماذا أهملت أمتنا رعاية الموهوبين والمبتكرين من أبنائها طيلة العقود الماضية.. وماذا كانت النتيجة.. وكيف نعوض- في ظل ما يتوفر الآن من إرادة سياسية على أعلى المستويات- ما فاتنا على طريق التقدم والابتكار.. هل نحن في حاجة لمزيد من التشريعات التي تكفل لهم الرعاية.. أم نحن في حاجة لصحوة مجتمعية تؤمن بالعلم وتقدر المواهب المبدعة.. أم في حاجة لاستلهام تجارب النجاح وحاضنات المواهب الفذة.. أم لكل هذه العوامل مجتمعة؟!
بناء العقول من الصناعات الثقيلة تبدأ بالاكتشاف المبكر وتمر عبر مراحل عديدة من الفرز والتنقيح والرعاية والتدريب.. ومن حسن الطالع أن بلدنا زاخر بمواهب ذوو القدرات وهؤلاء يمكن معرفتهم بالفطرة في جميع المراحل السنية وكلهم مطلوبون لكن كلما تم اكتشافهم في سن صغيرة كان عطاؤهم أسرع وأكثر نفعًا.