الوفاة وشائعاتها!
شائعات الوفاة التي لا تتوقف تكشف بجلاء أحد مثالب وعيوب مواقع التواصل الاجتماعى التي تتلقف أي شاردة أو واردة هنا وهناك وتقوم بنشرها وترويجها على نطاق واسع دون التحقق من صحتها وسلامتها ودقتها.. لذلك ما أن يطلق أحدهم شائعة حول وفاة شخصية عامة في المجتمع حتى تنتشر تلك الشائعة عبر مواقع التواصل الاجتماعى مثلما تنتشر النار في الهشيم كما يقال، وحتى عندما يتبين كذب تلك الشائعة لا يكلف أحدا ممن ساهم في نشرها والترويج لها في الاعتذار أو تصحيح الخطأ الذي ارتكبه، ولا عزاء لأهل ومحبى من أشيع كذبا أمر وفاته الذين يجزعون من تلك الشائعات السوداء السخيفة!
وأيضًا لا استفادة من هذا الخطأ المتكرر دوما والذي زاد مؤخرا حتى اتسعت شائعات الوفاة لتشمل شخصيات لا تعانى أو تشكو من المرض كما كان الحال من قبل، وإنما تشمل الآن شخصيات تتمتع بصحة طيبة.
وهذا العيب الخطير كان وراء ضرب مصداقية صحافتنا وإعلامنا في مقتل، لأن بعضا من صحفيينا وإعلاميينا وقعوا فيه، عندما تخلوا عن قواعد ومبادئ المهنية وتلقفوا ما يروج على مواقع التواصل الاجتماعى وقاموا بنشرها قبل التحقق من صحتها، رغم أن ذلك لن يكلفهم جهدا كبيرا وإنما يصون مصداقيتهم ومصداقية الصحيفة أو المحطة التليفزيونية التي يعملون فيها.
كما أن هذا العيب الخطير أيضا يكشف في ذات الوقت استعدادا مجتمعيا لتصديق الشائعات فور إطلاقها، ولذلك استخدمت الشائعات كأحد الأسلحة لضرب تماسك المجتمع واستقراره السياسي، وأضحت وسيلة معتادة من وسائل الصراع السياسي. وساعد على ذلك عدم توفر المعلومات الصحيحة والحقائق السليمة في الوقت المناسب، ولعل ذلك يذكرنا بأهمية قانون تداول المعلومات.