كل يغني على ليلاه!
إذا كان الفعل البشع الذى شهده أحد شوارع مدينة الإسماعيلية يقتضي وقفة تأمل وتحليل موضوعى وعلمى، فإن ردود الفعل الفورية على هذا الحادث البشع تستحق أيضا التوقف أمامها بالتأمل والتحليل.. فقد سارع البعض إلى استحضار التفسير الجاهز والذي استخدم من قبل بعد حدوث حوادث عنف سابقة شهدها المجتمع، وهو التفسير الذي يحمل الفن وحده مسئولية تلك الحوادث، حيث يحاكي من يرتكبون جرائم العنف ما يشاهدونه من عنف على الشاشة الصغيرة أو الشاشة الكبيرة.. ولم يكترث هؤلاء بالطبيعة الخاصة لذلك الحادث البشع الأخير والظروف الخاصة أيضا لمن قام به على مرأى ومسمع الناس في الشارع، وهو أمر لا يمكن إغفاله.
بينما سارع آخرون أيضا لإستنتاج أن المجتمع المصري قد صار العنف أحد سماته، خاصة وأن عملية القتل تمت في الشارع وأمام جموع من المواطنين الذين لم يسارعوا بالتدخل لمنع القتل، رغم أن ذلك الاستنتاج يتعين أن يكون نتيجة لتحليل دقيق يستند إلى معلومات وأرقام ووقائع مقارنة ترصد وتسجل تطور أحداث العنف التى شهدها المجتمع على مدار فترة زمنية مناسبة تسمح بالمقارنة ومتابعة أحداث العنف المختلفة في مجتمعنا.
تفاصيل الحادث
أما الذين التزموا الرفض السياسي لما هو قائم فقد وجدوا في هذا الحادث البشع فرصة سارعوا في استغلالها لتوجيه النقد للشرطة استنادا إلى أن الشرطة جاءت بعد أن كانت عملية القتل قد تمت وتم أيضا فصل رأس القتيل عن جسده وحملها القاتل معه وهو يغادر المكان، وكان يمكن أن يفر لولا مطاردة جموع من المواطنين له فيما بعد.. وبذلك وجدها هؤلاء فرصة للحديث مجددا عن الأمن السياسي والأمن الجنائي.
ولذلك.. بات ضروريا على جهات التحقيق أن تسارع بإعلان عن تفاصيل هذا الحادث وملابساته التفصيلية، وأن تسارع جهة علمية معتبرة بإعداد دراسة علمية موضوعية عن العنف فى مجتمعنا وتطوره خلال السنوات الأخيرة وكيف نواجهه، حتى لا نترك البعض منا يغني على ليلاه!