كنتم فين!
في لقاء الرئيس السيسي ببسطاء الكادحين خلال جولاته التي لا تنقطع بمواقع العمل والإنتاج والخدمات رسالة لا تخفى لكل مسئول كبر أو صغر بضرورة الجدية وعدم التهاون أو الاستهتار والتراخى عند التعامل مع احتياجات المواطنين في أي جهة خدمية حكومية؛ فالمسئول أو الموظف العام طبقًا للدستور هو خادم للشعب وراعٍ لمصالحه يحمل أمانة كبرى واجبة الأداء؛ فالمبدأ أن "كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته". وقد آن للجميع أن يتحملوا أمانته ويرأفوا بحال رعيتهم من ذوي الحاجة والمهمشين والفقراء، وأن ينصفوا المظلومين الذين يتحرقون شوقًا للعدل والإنصاف والعيش بكرامة.
لا يسأم الرئيس السيسي في شتى جولاته ولقاءاته من التذكير بضرورة مواجهة التعديات على أراضي الدولة والمجاري المائية والأرض الزراعية التي تتآكل بصورة شبه يومية في تهديد خطير لأمننا الغذائي ومن ثم أمننا القومي. وأحسب أن مثل تلك التعديات لو تُركت على هذا النحو المتواتر منذ سنوات بعيدة فسيأتي يوم- لا قدر الله- دون أن نجد أرضًا خصبة نزرعها ونقتات منها.. وتلك خسارة ما أفدحها.. أما التعدى على النيل وحرمته فذلك يحجب جريان المياه على طبيعتها لتفي باحتياجاتنا في الزراعة والصناعة والعمران.
حسم الرئيس
ولعل وقف المخالفات وردع المخالفين تكليف واختبار للحكومة، وجرس إنذار يدق بعنف ألا تترك الأمور للإهمال والعشوائية اللذين نتجرع ويلاتهما منذ سنوات كثيرة؛ فحجم التعديات والمخالفات بأنواعها أكبر من أن يتم السكوت عليه أو التغاضي عنه. ويبدو طبيعيًا في سياق متدهور كهذا أن يعلن الرئيس السيسي أمام الشعب كله أنه لابد للنيل أن يعود نظيفًا خاليًا من المخالفات خلال 6 أشهر، موجهًا حديثه لوزير الري:" كنتم فين أو كانت فين الوزارة من تلك المخالفات"..
وهي رسالة للحكومات المتعاقبة من سنوات طويلة تركت مخالفات كارثية تقع أمام عينيها دون أن توقفها أو تحد منها حتى تفاقمت واستفحلت. الرئيس كان حاسمًا في اقتحام ملف التعديات وقال بوضوح لكل مسئول مرتعش اليدين: "من لن يستطيع التصدى لمشكلات بلده فعليه أن يترك مكانه فورًا".. كما وجه رسالة للمخالفين: "أنتم بتعملوا كده ليه في بلدكم ومستقبل أولادكم. متخربوش بلدكم بأيديكم"، منبهًا أن الدولة لم تتخذ أي إجراء صارم تجاه المخالفات بشكل مفاجيء بل سبق التمهيد له قبل نحو 3 سنوات؛ فأضرار مثل تلك المخالفات كارثية على المواطن والدولة معًا، ويجب أن تتوقف هذه المهزلة فورًا.