سر النصر
في بداية عام ١٩٧٢ حضرت في قيادة الجيش الثالث اجتماعا عقده وزير الحربية الفريق محمد صادق لعدد من الضباط، حيث كنت وقتها ضابطا للتوجيه المعنوي في قيادة اللواء ٤٩ مدفعية التابع للفرقة السابعة مشاة التى كان يتولى قيادتها في هذا الوقت الفريق أحمد بدوي الذي صار فيما بعد القائد العام للقوات المسلحة المصرية.. وفي هذا الإجتماع تلقيت صدمة سببها ما قاله لنا الفريق محمد صادق حول إننا لن نستطيع أن نحارب الآن لأن الاتحاد السوفيتي لا يقدم لنا ما نحتاجه من أسلحة ومعدات، وكل ما لدينا من ذخيرة لا يكفى سوى لثلاثة أيام من القتال فقط.. فقد كانت الحرب هي الحلم الأساسي للمصريين وقتها، خاصة أبناء جيلي الذين صدمتهم هزيمة يونيو.
غير أن كثيرون لم يتنبهوا وقتها أن تغيير وزير الحربية وتولى المشير أحمد إسماعيل موقع الفريق محمد صادق كان يؤكد أن قرار الحرب اتخذه الرئيس السادات فعلا وجاء بالرجل الذي رأى إنه يقدر على تنفيذ هذا القرار الشجاع والذي طال انتظار المصريين له.. فهم منذ الثامن من يونيو ١٩٦٧ قرروا شعبيا ضرورة خوض الحرب لاستعادة الكرامة الوطنية مع أرض سيناء الحبيبة حينما خرجوا يرفضون تنحى عبد الناصر ليعيد بناء القوات المسلحة لتكون قادرة على خوض هذه الحرب..
قرار الحرب
ولم يكن ممكنا لأي قائد مصري أن يتجاهل هذا القرار الشعبى، ولذلك فإن عبدالناصر بدأ بعد أيام قليلة فقط الإشتباك مع العدو الاسرائيلي، وتحولت هذه الاشتباكات إلى حرب استنزاف مجيدة مهدت لحرب أكتوبر.. ولذلك أيضا حول السادات القرار الشعبى الخاص بضرورة خوض الحرب لإزالة آثار الهزيمة إلى قرار رسمي وجاء في قيادة القوات المسلحة بمن يقدر على تنفيذ هذا القرار بنجاح لتحقيق النصر المنشود فيها.
ولعل ذلك كان أحد أسباب النصر الذي حققناه فى حرب أكتوبر، بالإضافة إلى توفر أسباب أخرى تمثلت فى الإصرار على خوض هذه الحرب، والتخطيط العلمى لها، والتدريب العملي الشاق على عملياتها وأهمها عملية العبور لمانع مائي مهم، والروح المعنوية المرتفعة بين مقاتلي القوات المسلحة من جنود وضباط.. وهذا ما نحتاجه دوما في معاركنا الأخرى التي نخوضها سواء ضد الاٍرهاب أو من أجل البناء، فهو يعد أساس جمهوريتنا الجديدة التي نتطلع إليها.