دعاء الوقاية من العين والحسد والفرق بين الاثنين
عرّف العين لغةً بتعاريف كثيرة، وذلك حسب ما وردت فيه من السياق، فقد يكون المقصود منها عضو وحاسة البصر، أو ينبوع الماء، أو أهل الدار والبلد، أو الجاسوس، أو النفيس والغالي من الأشياء، أو ذات الشيء، وغيرها الكثير.
وفي سياقنا فهي الإصابة بالعين، يُقال رجلٌ عيون؛ أي كثير الإصابة بالعين، أمّا الحسد فيُعرّف لغة بكره نعم الله على الغير، وتمني زوالها وسلبها منهم، وفيما يأتي بيان التعريف الشرعي لكل من العين والحسد:
- الإصابة بالعين أو الحسد لا يُمكن أن تقع إلا بقضاء الله تعالى وقدره، ونرى كثيرًا من الناس من يتوهّم دائمًا عند كل عارضٍ أو ضيق ينزل به بأنه من العين والحسد.
فيخلطون بين ذلك وبين ما يصيبهم من الأمراض أو الاكتئاب أو غير ذلك، لذا ينبغي على المؤمن أن يحسن ظنّه بالله سبحانه، ويتوكّل عليه حق التوكّل، وأن يعلم أن كل ما يصيبه هو بقدر الله -تعالى- وقضائه.
ولو اجتمع كل الناس ليضرّوه بشيء لم يكتبه الله عليه فلن يستطيعوا ذلك، ولا ينفي ذلك أن يتحصّن الإنسان بالأذكار أو يرقي نفسه، فالرقية نافعة في جميع الأحوال.
وإذا وقع الحسد على الإنسان حقًا فقد تكون هناك أعراض كالضيق، والفتور عن الطاعة، والقلق وغيرها، لكن قد يكون في الإنسان مرض فعلًا، فينبغي عليه مراجعة الأطبّاء والأخذ بالأسباب والعلاج، ولا يُوسوس نفسه دائمًا بأن كل ما يصيبه هو من الحسد والعين، ويحرص على دعاء الله تعالى ويحافظ على أذكاره ويتوكّل على الله حق التوكل.
الفرق بين العين والحسد
هناك فروق عديدة بين العين والحسد، وفيما يأتي بيانها بالتفصيل من عدّة حيثيّات السبب الرئيسي: فالفرق بينهما من حيث السبب الرئيسي أن العين تكون بسبب الإعجاب والاستحسان والاستعظام، بينما الحسد فسببه الحقد وتمنّي زوال النعم عن الغير والبغض.
العموم والخصوص: إن الحسد أعمّ من العين، فكلّ عائن حاسد وليس كل حاسد عائن، ولذلك نرى من إعجاز القرآن البياني في سورة الفلق الاستعاذة من الحاسد، فإذا استعاذ المؤمن من الحاسد فإنه يدخل في استعاذته العائن كذلك.
الأثر على الغير والمصدر: يشترك الحسد والعين في الأثر؛ بحيث إن الاثنين يسببان الضرر للمحسود والمعيون، أما المصدر فمختلف، حيث إن مصدر العين هو انقداح نظرة العين، وقد تصيب الجماد والمال والزرع وغيره مما لا يُحسد بالأصل، أما الحسد فمصدره استكثار النعم على عباد الله تعالى، وتحرّك القلب وتمنّي زوالها عنهم الأثر على النفس: قد يصيب الشخص ماله ونفسه بالعين، لكن لا يحسدها بالتأكيد.
صفة النفس: قد تقع العين من الرجل الصالح، حيث من الممكن أن يعجب بالشيء ويستحسنه دون تمنّي إزالته وسلبه، أما الحسد فلا يقع إلا من نفس خبيثة وحاقدة.
علاج العين والحسد ينبغي على من رأى شيئًا أعجبه أن يذكر الله -تعالى- فيقول: ما شاء الله، لا قوة إلا بالله، بارك الله، أو يدعو ويقول: اللهم بارك له، حتى يصرف عنه العين، إذ تقع العين على المعيون أحيانًا بغير اختيار العائن.
فمن السلامة أن يذكر الله دائمًا عندما يرى نعم الله على غيره، وعلاج العين أن يطلب المعيون ممّن أصابه بالعين إذا عرفه أن يغتسل بالماء، وعليه أن يجيبه، فقد ورد في السنة النبوية أن سهل بن حنيف كان يغتسل، فرآه عامر بن ربيعة وأعجبه شدة بياض جلده، فقال: (واللهِ ما رأَيْتُ كاليومِ ولا جِلْدَ مخبَّأةٍ)، وما أن قال ذلك حتى غُشي على سهل، فجاء به الصحابة إلى رسول الله وقالوا له: (يا رسولَ اللهِ هل لك في سَهلِ بنِ حُنيفٍ لا يرفَعُ رأسَه؟).
فقال لهم رسول الله: (هل تتَّهِمونَ مِن أحدٍ؟)، فأجابوه بما قال عامر بن ربيعة، فدعاه الرسول وقال له: (علامَ يقتُلُ أحدُكم أخاه ألَا تُبرِّكُ؟)، ثم أمره بالاغتسال، فغسل عامر يديه ووجهه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخلة إزاره في وعاء، ثم صُبّ على سهل، فقام ليس به شيء وأفضل ما يتوقّى به الناس هو التزام طاعة الله تعالى، والإكثار من ذكره، والمحافظة على أذكار الصباح والمساء، وسؤال الله العافية، وخاصة الرقية الشرعية، وفيما يأتي بعض الأدعية والأذكار:
قراءة سورة الفاتحة، فهي شافية بإذن الله تعالى. المحافظة على قراءة آية الكرسي. المحافظة على قراءة قل هو الله أحد، والمعوّذتين، وتكرارهم.
قراءة الرقية الشرعية، والمحافظة على أذكار الصباح والمساء.
قراءة آخر آيتين من سورة البقرة. قراءة سورة الكافرون.
قراءة قوله تعالى: (قُلنا لا تَخَف إِنَّكَ أَنتَ الأَعلى* وَأَلقِ ما في يَمينِكَ تَلقَف ما صَنَعوا إِنَّما صَنَعوا كَيدُ ساحِرٍ وَلا يُفلِحُ السّاحِرُ حَيثُ أَتى)، والدعاء بهذا الدعاء: (باسمِ اللهِ أَرقِيك من كلِّ شيءٍ يُؤذِيك من شرِّ كلِّ نفسٍ وعينٍ حاسدةٍ، باسمِ اللهِ أَرقِيك، واللهُ يَشفِيك).
الاستعانة على قضاء الحوائج بالكتمان، وعدم إخبار الناس بفضائل االله تعالى، إلا الثقة منهم.
النفث عند القراءة كما كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أدعية التحصين
أمرَ الرسول صلى الله عليه بتحصين النفس من العين والحسد والسحر بقراءة الآيات القرآنيّة، والمحافظة على الأدعية النبويّة الشريفة، والتي يجب على كلّ مسلم التزامَ تقوى الله ومخافته في السرّ والعلن، والإخلاص في طاعة الله، والتوبة من المعاصي وعدم الرجوع إليها، فهو يعين على دفع البلاء والحفظ من كل الشرور، ويتمّ تحصين النفس عن طريق المحافظة على أذكار الصباح والمساء التي تشمل أدعية يومية لتحصين النفس ومن تلك الأدعية المستحبة:
اللهم أحْيِني على سُنة نبيك، وتوفَّني على ملّته وأعذني من مضلات الفتن.
اللهم اهدِني فيمَن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وقني شر ما قضيت، إنّه لا يذل من واليت، تباركت ربنا وتعاليت.
اللهم إني أعوذ بك من عذاب النار، وأعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من الفِتَن ما ظهر منها وما بطن، وأعوذ بك من فتنة الدجّال.
اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل وبالخل والجبن وضلع الدين وغلبة الرجال. اللهم ربَّ السموات ورب الأرض، ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شيء، فالق الحب والنوى، ومنزل التوراة والإنجيل والفرقان، أعوذ بك من شرّ كلِّ شيء أنت آخذ بناصيته، اللهم أنت الأول فليس قبلَك شيء، وأنت الآخرُ فليس بعدَك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقَك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقضِ عنا الدَّين.
اللهم إنّي أسألك علمًا نافعًا ورزقًا طيبًا وعملًا مُتَقَبَّلًا.[صححه الألباني في صحيح ابن ماجه] اللهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع ومن دعاء لا يسمع، ومن علم لا ينفع، أعوذ بك من هؤلاء الأربع.
اللهم إني أعوذ بك من الفقر، والفاقة، والقِلّة والذِلة، وأعوذ بك من أن أظلِم أو أظُلم.
اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجُبن والبخل والهرم والقسوة والغفلة والعيلة والذلة والمسكنة، وأعوذ بك من الفقر والكفر والفسوق والشقاق والنفاق والسمعة والرياء وأعوذ بك من الصمم والبكم والجنون والجذام والبرص وسيّء الأسقام {حَسبِيَ اللّهُ لا إِلهَ إِلّا هُوَ عَلَيهِ تَوَكَّلتُ وَهُوَ رَبُّ العَرشِ العَظيمِ }سبع مرات.
حصنتُ نفسي وأهلي ومالي وولدي بالله الحي القيوم الذي لا يموت أبدًا، ورفع الله عنا السوء والأذى بألف، ألف، ألف لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
اللهم فارج الهم وكاشف الغم، مجيب دعوة المضطرين، رحمن الدنيا ورحيم الآخرة.. ارحمنا رحمة تغنينا بها عن رحمة من سواك. اللهم ولي الكلمات التامات.. والدعوات المستجابات.. حصنا من أعين الإنس وأنفس الجن.
اللهم حصنا بحصنك الحصين وحبلك المتين من كيد الكائدين وحسد الحاسدين وظلم الظالمين، وعبث العابثين وتسلط المتسلطين آمين يارب العالمين.