المتغطى بالأمريكان عريان!!
السلوك الأمريكى الأخير في اتفاقية أوكوس الأمنية التي أبرمتها واشنطن مع أستراليا وبريطانيا وأدت إلى إلغاء صفقة كبيرة لبيع غواصات فرنسية إلى أستراليا بقيمة 50 مليار دولار أسترالي.. يؤكد على عدة أمور، في المقدمة طبعا أنه لا شيء يعلو فوق المصلحة الأمريكية، وأن واشنطن لا تتورع في نقض أى إتفاقية أو ضرب أى تحالف إذا تعارضت بعض المصالح مع مصلحتها..
نعم الكل يسعى إلى تحقيق مصالحه ولا مكان للعواطف لكن الخطيرهنا إنه إنتقل من هذه الخانة إلى خانة أخرى وهى ضرب أى تحالفات عسكرية أو سياسية من أجل عيون الدولار لبلد الدولار..
الغرب ليس كتلة واحدة
على سبيل المثال في 1 يونيو 2017 أعلن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب خروجه من إتفاقية باريس لحماية المناخ في تصرف أنانى لا يتعلق بالحاضر فحسب، ولكن ضد المستقبل وحماية كوكب الأرض والأجيال القادمة ..ليس مهم عند الكاوبوى هدف الإتفاقية وهو الوصول إلى تثبيت تركيزات الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي عند مستوي يسمح للنظام البيئي بأن يتكيف بصورة طبيعية مع تغير المناخ، وبالتالي حماية الإنسان من خطر يصل إلى النقص في الغذاء والماء.
فهل هناك أنانية أكثر من ذلك التصرف الأحادى وسط صدمة 194 دولة موقعة على الإتفاقية، ودون أدنى إحساس بالمسؤلية التي تسببها الصناعة أو التكنولوجيا الأمريكية في هذا الإحتباس الحرارى.
وفي 8 مايو 2018، إنسحب ترامب أيضا من الاتفاق النووي الإيراني، الذى تم التوصل إليه في يوليو 2015 بين إيران ومجموعة 5+1، ولم يعبأ الكاوبوى الأمريكى أيضا بالغضب من الخمسة الكبار في مجلس الأمن أو بتأكيدهم بأن الإتفاق النووي ما زال إطارًا قانونيًا دوليًا ملزمًا لحل النزاع، والخروج عليه يعتبر إنتهاك لإتفاق مجلس الأمن.. والآن يعود بايدن للرجوع عن هذا الإنسحاب الذى عارضه حين كان في المعارضة مع أوباما.
المتغطى بالأمريكان عريان
هذه ثلاثة أمثلة فقط لعنجهية القوة رغم إنتهاء عصر القطب الواحد أو حتى القطبية الثنائية.. السؤال هل هذه التصرفات مقدمة لبدء إنحسار الدور والحقبة الأمريكية بالخروج عليها من أشد الحلفاء قبل الأعداء؟ وهل السبب يعود إلى التقارب الأوروبى مع الصين وإيران وروسيا مثلا، وهو ما يخالف التوجه الأمريكى، أو حتى في رحلة البحث الأوروبى عن موقف متمايز طبقا لمصالحهم في بعض النزاعات الإقليمية مثل موقفهم الإيجابى مع مصر في قضية سد النهضة.
لكن هذه التصرفات تؤكد أن الولايات المتحدة دأبت على معاملة حلفائها بقسوة كما وصفت الفايننشال تايمز البريطانية..بل وبعدم إكتراث وبأنانية وظهر ذلك في الإنسحاب الأمريكى من أفغانستان وبقرار منفرد عن الحلفاء.. ومؤخرا في الخلاف الفرنسي الأمريكي بشأن إتفاقية أوكوس الأمنية التي أبرمتها واشنطن مؤخرا مع أستراليا وبريطانيا ولطالما كانت تتجاهل حلفاءها خلال السعي لتحقيق مصلحتها الوطنية.
نعم هي لا تقر سوى مصالحها، بغض النظر عن مصالح الحلفاء، ليس مهما أن تضرب الصناعة الفرنسية في مقتل.. المهم الصناعة الامريكية فقط، ليس مهم التواجد العسكرى الفرنسي في المحيطين الهندي والهادئ من خلال شراكتها الأمنية الخاصة مع أستراليا، المهم التواجد الأمريكى.
نعم ما تقوم به واشنطن هو نفس ما تقوم به باريس في الدفاع عن مصالحها، لكن أين يقف باقى دول العالم حين تتقاطع مصالحها في زمن إختلال القوى وعدم الأرتكان إلى قطب ثان واضح.
الكاوبوى والدب الروسى والتنين الصينى!!
والسؤال مع إستمرا هذه التصرفات الأمريكية هل ستفقد واشنطن الحلفاء الكبار لها في حلف الأطلنطى وفي ظل تنامى الدور الروسى والصينى من جهة، وشعور الحلفاء بأن المتغطى بالامريكان عريان فينصرفون عن واشنطن الواحد وراء الآخر والإنضمام إلى المعسكر الأخر؟!
وهل تؤكد الصراعات الدائرة في أكثر من بقعة فى العالم أفول القوة الأمريكية وتنامى قوى أخرى، بعد تحقيقها إنتصارات على أرض الواقع، وما يحدث في أفغانستان وسوريا والعراق خير مثال.. طبعا هذه التصرفات الأمريكية قد تعظم من الدور الروسى من جهة، وتعطى شهادات ميلاد لقوى إقليمية في الظهور مثل تركيا وإيران، والتنين الصينى يعد قوته الاقتصادية والعسكرية للإنقضاض في اللحظة المناسبة!
طبعا الإنسحاب البريطاني من الإتحاد الاوروبى جعل لندن شريكا مرنا أو تابعا لواشنطن دون أى إلتزام دولى تجاه الإتحاد الأوروبى..
وأخير يكون السؤال هل إنسحاب بريطانيا من الإتحاد الأوروبي كان بتدبير أمريكى لضرب الإتحاد في مقتل بتفريق الأعضاء أولا والإنقضاض بعد ذلك على مصالح من تبقى، ثم وضع أوروبا بين مطرقة الكاوبوى وسندان الدب الروسى والإنقضاض بعد ذلك على مصالح من تبقى، التنين الصينى!!
YOUSRIELSAID@YAHOO.COM