للذكرى في يوم رحيل الزعيم
يوم ٢٨ سبتمبر ذكرى الألم ومرارة فقدان الزعيم جمال عبد الناصر يعيشها بوجدانه من يحبه، ومن يكره نظامه على حد السواء، ليبقى الزعيم جمال عبد الناصر خالد الذكر فى وجدان كل المصريين. مات الزعيم جمال عبد الناصر وعاشت أحلامه فى قلوب المصريين للابد.. عيش، حرية، كرامة إنسانية.. الزعيم لم يكن مجرد ثائر يحلم برحيل نظام جائر أو محتل غاشم لبلاده، بل مصرى صميم معجون بهموم جموع المصريين.. الفقر، والمرض، والجهل، والذل، والاحتكار لكل معانى الحياة من طبقة الانتهازيين على حساب جموع الشعب.
يدعى من تنكر لثورة الشعب فى يوليو 1952 أن عبد الناصر وانقلابه أغرق البلاد فى حروب وهزائم وأضاع على البلاد فرص التطور واللحاق بدول العالم المتقدم وطرائف أخرى من عينة نعيم الملكية ومجد الأسرة العلوية وإقتصاد المزارع الباشوية، وبريق شوارع الحلمية وكورنيش الإسكندرية ومحطة الرمل وحدائق وقصور وقناطر وسدود، للأسف من يقول ذلك لا يعلم شيئاً عن حال المصريين فى عهد العلويين ومصير جموع أجدادنا المصريين قبل ثورة يوليو 1952 وزعيمها خالد الذكر عبد الناصر.
حلم عبد الناصر
صحيح ان الجنيه كان أعلى قيمة من الاسترليني والدولار والين والروبل وغيرها من عملات الأمصار، ولما لا وخيرات بلد تمتد فى ربوعها على مساحة تتجاوز مليون كيلو متر مربع وحباها المولى بعديد الموارد والنعم يستحوذ عليها ٥،% من سكانها فقط والباقين يعانون الفاقة والحرمان المبين.. كما أنه صحيح أن مصر كانت تصدر القطن والبصل ويمكن القمح والزيوت والسكر وبالقنطار، وصحيح أن العلويين وملوكهم وسلاطينهم بنوا القصور والمدارس وفتحوا جامعات وشقوا الترع وشيدوا سدود وقناطر وغسلوا شوارع المحروسة كما أوروبا بالماء والصابون.. لكن كل ذلك لم يكن للشعب المصري ولم ير منه جموع المصريين الحقيقيين شيئا على الإطلاق.
جموع المصريين فى القرى والحوارى عاشوا الذل والهوان والمر الطافح،عاشوا حياتهم عراه جياع يعانون أكثر من ألآم الجهل والمرض والخوف والظلم صنوف وألوان.. مساكنهم أكواخ وعشش من الطين أو البوص ومأكلهم جبنة قديمة ومش وشلولو وحنطة ورجلة وعصيدة وبتاو.
المصريون فى العهد الغابر كانوا يزرعون ليحصد الأمراء والباشوات، يربون الماشية والأغنام، لتأكل وتنعم القطط السمان ينسجون ليلبس ويتغطى الباكاوات والأغوات، يبنون ويشيدون القصور والبنايات الفارهة لينعم بها أولياء النعم والهوانم.. تلك هى مصر الملكية التى تشهد عليها أطلال منازل وزرابى وعشش أجدادنا القائمة حتى الان فى كل ربوع مصر المحروسة فى القرى والحوارى والأزقة.
مصر المحروسة التى يعرفها جموع المصريين أيام أجدادنا فى عهد العلويين ليست عابدين ولا الحلمية وجاردن سيتى وضاحية مصر الجديدة ولا محطة الرمل وقصر المنتزه والحرملك والسلملك وقصر التين.. مصر المحروسة الحقيقية كان سكانها معظمهم يسكن فى بيوت من طين أشبه بالقبور لازالت أطلالها شاهدة على ظلم السنين العجاف طوال عهد العلويين وكساء شعبها من البالة والخيش ودوائهم صبار وكتاب درويش يلصقه على الجبين.. عبد الناصر ورفاقه عاشوا معهم مر السنين فمنحوا الحياة الكريمة لكل المساكين فى بلادنا وبلاد الجوار البعيدة ولم يتوقفوا أبدا على بكاء الحالمين بفتات الأغا والباشا والأمير.. حلم عبد الناصر سيظل يؤرق منام كل نصاب أو غادر لابد الآبدين.. وسنظل نحلم كحلمه بحياة الأدميين.