انهيار تاريخي لحزب ميركل.. "الاشتراكي" على أعتاب حكم ألمانيا لأول مرة منذ 16 عاما
حقق الاشتراكيون الديمقراطيون الألمان تقدمًا طفيفًا على المحافظين في الانتخابات التشريعية، التي أجريت أمس الأحد، بحسب تقديرات استندت إلى نتائج أولية.
وحصد الاشتراكيون الديمقراطيون بزعامة وزير المال ونائب المستشارة المنتهية ولايته، أولاف شولتز، على ما بين 24.9 و25.8 في المئة من الأصوات، مقابل ما بين 24.2 و24.7 في المئة للاتحاد المسيحي الديمقراطي بزعامة أرمين لاشيت.
وحل حزب الخضر في المرتبة الثالثة بحصوله على ما بين 14.7 و14.8 في المئة، متقدمًا على الحزب الليبرالي الذي نال ما بين 11.2 و11.8 في المئة من الأصوات.
التقاعد السياسي
وتراجع المحافظون بزعامة ميركل إلى مستوى منخفض تاريخيًّا، و"لطخوا" التقاعد السياسي المزمع للمستشارة، وفق فرانس برس.
وكان شولتز قد ارتقى إلى مرتبة المرشح الأوفر حظًّا لتولي مقاليد الحكم في ألمانيا باتباع استراتيجية الظهور خلفًا حقيقيًّا لميركل التي قررت الخروج من المشهد بعد 16 عامًا في السلطة.
أسابيع من عدم اليقين
وتشير هذه النتائج إلى أسابيع من عدم اليقين بشأن الشكل الذي يمكن أن تبدو عليه حكومة ما بعد ميركل، وفق تعبير واشنطن بوست.
وفي مطلق الأحوال، سيترتب إجراء مفاوضات مطولة خلال الأشهر المقبلة لتشكيل الائتلاف الذي سيحكم البلاد، ولو أن ذلك يهدد بشل الاتحاد الأوروبي حتى الفصل الأول من العام 2022، حسبما تقول فرانس برس.
وستشكل نتائج الانتخابات مستقبل السياسة ليس فقط في برلين، ولكن في جميع أنحاء أوروبا حيث ستغيب يد ميركل المخضرمة مع انتقالها إلى التقاعد.
وتأتي الانتخابات وسط العديد من التحديات لألمانيا والاتحاد الأوروبي، بما في ذلك أسئلة حول كيفية توجيه الشؤون المالية للاتحاد بعد جائحة فيروس كورونا، وتنسيق موقف القارة تجاه روسيا والصين.
النتائج النهائية
وإذا بقيت النتائج النهائية متشابهة، فسيكون هذا أسوأ أداء لحزب ميركل منذ تشكيله في عام 1945، وسيعني ذلك أيضًا أن محادثات الائتلاف قد تجتذب أحزابًا أخرى، ربما حزب الخضر، الذي حصل على حوالي 15 في المئة.
وقال ثورستن فاس، أستاذ العلوم السياسية بجامعة برلين لوشنطن بوست عن أداء الكتلة المحافظة: "إنه انهيار تاريخي... أمسية طويلة جدًّا.. ومن المحتمل أن تكون أسابيع طويلة جدا تنتظرنا".
وفي مقر الحزب الاشتراكي الديمقراطي في برلين، هتف الحشد عندما أظهر الاستطلاع الأولي الثاني للحزب تقدما بفارق ضئيل، وصعد شولتز إلى المنصة وقال إن الحزب سينتظر النتيجة النهائية "وبعد ذلك سنبدأ العمل".
وقال: "ستكون هذه ليلة انتخابات طويلة، ولكن ما هو واضح أيضا هو أن الكثير من الناخبين أدلوا بأصواتهم للديمقراطيين الاجتماعيين لأنهم يريدون تغييرا في الحكومة، وأيضًا لأنهم يريدون أن يُدعى المستشار التالي أولاف شولتز".
وقال أرمين لاشيت، مرشح الديمقراطيين المسيحيين لمنصب المستشار، بينما كان يتحدث إلى حشد من مسؤولي الحزب والصحفيين: إن الحزب سيفعل "كل ما في وسعه" للعمل.
ما النتيجة التي سيحققها اليمين المتطرف؟
تقول فرانس برس: إنه بعد أن أصبح حزب "البديل لألمانيا" اليميني المتطرف في الانتخابات السابقة عام 2017 أول قوة معارضة في مجلس النواب مستغلًا مخاوف جزء من الرأي العام بشأن وصول مئات آلاف المهاجرين إلى البلاد، حصل في استطلاعات الرأي الأخيرة على حوالى 11 في المئة من نوايا التصويت.
إلا أن الهجرة لم تعد من المواضيع التي تهم كثيرا الألمان، فحاول الحزب إعادة التموضع كمدافع عن "الحريات" في مواجهة قيود مكافحة كوفي، وبالتالي فإن نتيجته ستكون متابعة عن كثب.
البيئيون والليبراليون في الحكومة المقبلة؟
قد يجد البيئيون بحصولهم على نحو 16 في المئة من نوايا التصويت وكذلك حزب الليبراليين اليميني مع حوالى 11 في المئة من الأصوات، نفسيهما في موقع "صناع القرار" في حكومة ائتلافية مقبلة.
ويُفترض أن تكون عدة ائتلافات للأغلبية ممكنة في البرلمان المقبل، بدءا من تحالف يساري بحت إلى حكومة تميل إلى اليمين. كل ذلك يُنذر بمفاوضات شاقة لتشكيل الحكومة المقبلة.
ويخشى شركاء ألمانيا فترة جمود طويلة، في وقت تتخوف أوروبا من تهميش جيوسياسي.
ما هي السياسة الخارجية الألمانية في الفترة المقبلة؟
سيحمل الشكل النهائي للحكومة تأثيرًا كبيرًا على السياسة الدولية المقبلة لألمانيا، حتى لو أن الأحزاب الثلاثة الكبيرة قادت حملة وسطية.
وستكون البلاد أكثر ميلًا إلى التضامن المالي في أوروبا مع حكومة يسيطر عليها الاشتراكيون الديمقراطيون وحزب الخضر، ما ستكون كذلك مع المحافظين والليبراليين، الذين يؤيدون أكثر من اليسار المهمات العسكرية في الخارج.
وقد تشهد ألمانيا فترة توتر مع حلف شمال الأطلسي في حال تشكلت حكومة تضم حزب "دي لينكه" اليساري الراديكالي الذي يروج لحل الحلف.
وتطور الثنائي الفرنسي الألماني، الذي شهد بعض الإخفاقات أحيانا في عهد ميركل، سيعتمد أيضا على النتيجة النهائية. كما أن الفرنسيين ينتخبون رئيسا جديدا للبلاد في أبريل 2022.
ويوضح بول موريس من لجنة الدراسات الفرنسية الألمانية أن مع وصول حكومة جديدة "ننتظر من ألمانيا أن تكون قوة أكبر لتقديم اقتراحات على المستوى الأوروبي".