لا تتركوهم فريسة!
الشباب في حاجة لحوار مستمر يتفق مع روح العصر والثورة التكنولوجيا الرقمية.. يأخذ بيدهم للطريق السليم حتى لا يتركوا فريسة لمواقع التواصل الاجتماعي والفضاء الإلكتروني الذي يجيد أعداؤنا توظيفه لإغواء أبنائنا بملذاته ومتاهاته وأفكاره المضللة، ناهيك عما تفعله المخدرات والأعمال الفنية الساقطة في العقول.. فهل نتخيل حجم المأساة إذا ما اجتمعت كل تلك العوامل على أبنائنا؟!
هناك دراسات علمية كثيرة اهتمت بمشكلات الأسرة المصرية وقضاياها، وقدمت لها حلولا ناجحة ومن زوايا عديدة، وشخصت السلوكيات الخاطئة والتحولات السلبية وعلى رأسها العنف، وبحثت أسبابها وعواقبها.. فماذا يمنع تنفيذ ما أوصت به.. ولماذا لا يتم وضعها أمام صانع القرار للإفادة منها.. أليس كل تأخير في العلاج يفاقم المشكلات ويضاعف فاتورة حلها؟!
المراقب لما يجري في شوارعنا وأسواقنا وأماكن العمل والدرس يدرك أن منحنى العنف في صعود دائم؛ فالسخرية إيذاء وفرض الرأي بالقوة إيذاء والتنمر إيذاء أكبر.
الأسرة هي الحاضنة الأولى للطفل والمسئول الأول عن تشكيل وجدانه وتصوراته ومن ثم سلوكياته؛ ولهذا فإن التفكك الأسري يتصدر مسببات العنف، يليه التدليل الزائد من الوالدين للأبناء، ثم تأتي المدرسة بوصفها ثاني مؤسسة اجتماعية تتولى تنشئة الصغار وتنميتهم عقليًا ونفسيًا وبدنيًا، ويتكامل دورها مع الأسرة لكنها هي الأخرى باتت ضعيفة التأثير..
دور الدراما الهادفة
ولوسائل الإعلام دور بارز في تغذية ظاهرة العنف؛ فالشخصية الدرامية نافذة التأثير في المتلقي لاسيما الصغار الذين يسارعون لمحاكاة الممثل؛ فإذا أدى دور شخصية تمارس العنف انعكس ذلك على سلوكيات النشء في الشارع وبدلا من أن يكون الإعلام وسيلة لحل المشكلة صار صانعا لها وجزءًا منها حين أفرط في تقديم أعمال تحرض على العنف والقتل والتنمر.
والسؤال: لماذا قلت الأعمال الفنية التي تجسد سير العظماء من العلماء والقادة والمجددين من المفكرين، لماذا اختفت أو كادت الأعمال الهادفة التي تكرس للتسامح والتعاون وتنفر من العنف وتؤكد أن الاعتداء على حقوق الإنسان وروحه حرام حرام أيًا ما كان جنسه أو لونه أو دينه؟!
كنا نرجو لو عوضت الأعمال الدرامية الدور المفقود للأسرة والمدرسة في حياة أجيالنا الجديدة، وأن تقدم مادة درامية تنبذ العنف والبلطجة وإثارة الفوضى، وتتحاشى الألفاظ المبتذلة وتنهى عن الانفلات الأخلاقي بحسبانها جرائم أخلاقية لا يقرها شرع ولا عرف ولا ضمير وتجر الشارع لمزيد من الجرائم والتفكك الأسري.
نحن في حاجة ماسة لمزيد من الأعمال التي تحض على التعلم والإبداع وممارسة التفكير العقلاني النقدي ومحاكاة شخصيات العظماء والمصلحين، أعمال تحرض على ممارسة الرياضة وترشيد الإنفاق والادخار والحفاظ على المرافق والمال العام ونبذ الكسل والتواكل والفساد والإهمال والعزوف عن الاهتمام بالشأن العام تطبيقًا لمبدأ مهم وهو أن من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم.. حاجتنا ماسة لإستراتيجية واقعية لبناء وعي حقيقي لدى المواطن في مواجهة رياح التشويش والتشويه وطوفان الظواهر السلبية التي طفحت في السنوات الأخيرة وتعريف المواطن بواجباته قبل حقوقه حتى يقوم كل منا بدوره على النحو المنشود.