صراع الغواصات يشتعل بين أستراليا وفرنسا والصين
حالة من الغضب تشهدها فرنسا اليوم بعد إعلان أستراليا الانسحاب من صفقة موقعة بين البلدين لتوريد غواصات تقليدية معتبرة الخطوة بمثابة “طعنة في الظهر”.
غواصات الدفع النووي
الصفقة التي تراجعت عنها أستراليا تعود لعام 2016 وهي مبرمة بين أستراليا ومجموعة "نافال جروب" الفرنسية للصناعات الدفاعية، وكانت هذه الصفقة مدفوعة بإعلان تشكيل تحالف استراتيجي بين واشنطن وكانبرا ولندن، تحصل الحكومة الأسترالية بموجبه على غواصات تعمل بالدفع النووي بدلا من الغواصات الفرنسية التقليدية.
وقالت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان: "هذا قرار مخالف لنصّ وروح التعاون الذي ساد بين فرنسا وأستراليا".
وأضافت أن "الخيار الأمريكي الذي يؤدي إلى إقصاء حليف وشريك أوروبي مثل فرنسا من شراكة مزمنة مع أستراليا، في وقت نواجه فيه تحدّيات غير مسبوقة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، يشير إلى عدم ثبات لا يمكن لفرنسا إلا أن ترصده وتأسف له".
الاستقلال الاستراتيجي الأوروبي
واعتبرت الوزارة الفرنسية أن "القرار المؤسف يؤكد ضرورة إثارة مسألة الاستقلال الاستراتيجي الأوروبي بصوت عالٍ وواضح"، مضيفة: "ما من طريقة أخرى جديرة بالثقة للدفاع عن مصالحنا وقيمنا في العالم".
خيانة
وبعد ذلك بساعات قليلة، قال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان في تصريحات لإذاعة "فرانس إنفو" عن القرار الأسترالي "إنه حقا طعنة في الظهر. أقمنا علاقة مبنية على الثقة مع أستراليا. وهذه الثقة تعرضت للخيانة".
وأضاف أن "هذا القرار الأحادي والمفاجئ وغير المتوقع يشبه كثيرًا ما كان يفعله (الرئيس الأمريكي السابق دونالد) ترامب".
بدورها، اعتبرت وزيرة الجيوش الفرنسية، فلورانس بارلي، أن فسخ أستراليا عقدًا ضخمًا لشراء غواصات تقليدية من فرنسا هو أمر "خطير"، ويشكل "نبأ سيئًا جدًا بالنسبة لاحترام الكلمة المعطاة".
وقالت بارلي في حديث إذاعي إنه "أمر خطير من الناحية الجيوسياسية وعلى صعيد السياسة الدولية".
وأضافت أنها "مدركة للطريقة التي تتعامل بها الولايات المتحدة مع حلفائها"، بعدما أعلنت واشنطن أنها شكلت تحالفًا مع كانبرا وبريطانيا، وأبرمت في إطاره اتفاقًا لتسليم أستراليا غواصات ذات دفع نووي.
الصين
بدورها، قالت وزارة الخارجية الصينية إن اتفاق الغواصات النووية بين أمريكا وبريطانيا وأستراليا يدمر السلام والاستقرار الإقليميين.
وأكدت، في بيان، على ضرورة ألا تضر الاتفاقيات الإقليمية بمصلحة أي طرف ثالث.
أوكوس
وأمس، أعلن رئيس الوزراء الأسترالي، سكوت موريسون، عن شراكة أمنية ثلاثية بين بلاده والولايات المتحدة والمملكة المتحدة تحمل اسم (أوكوس).
وأكد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أن الشراكة الأمنية مع الولايات المتحدة وأستراليا تهدف لتعزيز أمن منطقة المحيطين الهادئ والهندي.
وأضاف: "الشراكة الثلاثية ستعمل على حفظ الأمن، وستكون أولى مهامنا مساعدة أستراليا على امتلاك أسطول غواصات نووية".
وتابع: "أستراليا صديق قديم وشريك طبيعي في هذا المشروع ودولة ديمقراطية.. والدول الثلاث قاتلت جنبًا إلى جنب في العديد من الحروب لعشرات السنين".
جو بايدن
بدوره، وصف الرئيس الأمريكي جو بايدن هذه الشراكة بأنها "خطوة تاريخية" تستهدف تعميق العلاقات بين الدول الثلاث عن طريق شراكة "أوكوس".
وقال بايدن: "دول حليفة أخرى خارج مبادرة أوكوس مستعدة لدعمها والمشاركة بها.. تكنولوجيا الغواصات النووية آمنة وقد استخدمتها الولايات المتحدة وبريطانيا لعشرات السنين".
ولفت إلى أن "أوكوس ستجمع بحارتنا وعلماءنا وصناعتنا لتوسيع حدود قدراتنا، وسنواصل شراكتنا مع حلفائنا لضمان أمن منطقة المحيطين الهادئ والهندي".
وبحسب صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية فإن مجموعة العمل الثلاثية التي تعرف بالاختصار أوكوس، ستسهل على الدول الثلاث تبادل المعلومات والمعرفة في المجالات التكنولوجية الرئيسية مثل الذكاء الاصطناعي والأنظمة الإلكترونية والأنظمة التي تعمل تحت الماء وقدرات شن هجوم بعيد المدى.