الفخرية وأخواتها!
ماذا كان سيحدث إذا لم يمنح الإعلام والنَّاس اهتمامًا لمسألة الدكتوراه الفخرية التي أعلن ممثل أنه حصل عليها؟ الإجابة كان سيمر الأمر بوصفه أمرا عابرا، دون أن يظفر الرجل بالضجة التي ثارت حوله مؤخرا، وهى الضجة التي كلما خفتت أو توقفت سارع بالإعلان عن شىء جديد لإعادة إحيائها ليظل في دائرة الضوء الاجتماعى والإعلامي دوما وبشكل مستمر، حتى ولو كان يتعرض خلال ذلك لهجوم من هنا وهناك.
إذن نحن الذين نمكنه من تحقيق ما يريد بذلك الاهتمام الواسع والطاغى لما يفعل ولما يقول من خلال الضجة التي نثيرها حول كلامه وتصرفاته، وهذا لا يحدث منا فقط تجاه هذا الممثل وحده، وإنما نفعله للأسف الشديد تجاه آخرين غيره، سواء كانوا يحترفون مهنة التمثيل أو يعملون في مهن أخرى، إننا نمنح جل اهتمامنا لأمور وقضايا وتصرفات لا تستحق الاهتمام، وبذلك نساعد أشخاصا في المجتمع على أن يظفروا بالشهرة والدعاية التي لا يهمهم أن تكون دعاية سلبية أو من خلال الهجوم عليهم ما دامت تجعلهم يعيشون دوما في دائرة الضوء، بينما لا نمنح إلا القدر القليل من الاهتمام للقضايا والأمور الأهم في المجتمع، والتي لها تأثير مباشر وكبير على حياتنا.
وتلك واحدة من مشكلات مجتمعنا التي نعانى منها منذ زمن طويل، ويتحمل الإعلام قدرا من المسئولية في ذلك الأمر حينما يسهم في الترويج لأمور عابرة لا تستحق كل هذا الاهتمام، ولأشخاص في المجتمع تجاهلهم سيكون أكثر فائدة للمجتمع من الاهتمام بهم وبكلامهم وتصرفاتهم، ولذلك يحتاج الإعلام إلى أن يراجع أولوياته ليمنح اهتمامه لما هو من متابعة تصرفات وأقوال بعض الشخصيات التي دأبت على إثارة ضجة حول نفسها.
وإذا كنا مهتمين بصناعة وعى مجتمعى حقيقى وحماية وطننا من الوعى الزائف أو تشويه الوعى؛ فإن هذا الاهتمام يقتضى من إعلامنا أن يراجع أولوياته بالفعل، وهذا ما تحضنا عليه حكاية «الدكتوراه الفخرية» وأخواتها أو ما يشبهها.