الوزير والتطوير!
الثانوية العامة صداع فى رأس الحكومة منذ سنوات طويلة بسبب مشاكلها الكثيرة، والتى كان أهمها الغش الذى أصبح فى حين جماعيا وبالقوة ومشاركة بعض أولياء الأمور، وتسريب الامتحانات الذى لم يتوقف رغم كل الإجراءات الاحترازية التى استهدفت إحباطه، واللجان الخاصة لأبناء الصفوة، وأخطاء تصحيح الامتحانات، والشكوك التى أحاطت نتائج طلاب بعض المدارس الخاصة، فضلا بالطبع عن استخدام التابلت ثم الجمع بينه والامتحان الورقى..
وقد سعى الدكتور طارق شوقى وزير التربية والتعليم فى إطار مشروعه الذى بدأ تطبيقه لتطوير التعليم تخفيف صداع الثانويةَ العامة على الحكومة، غير أن الرياح جاءت له بما لا تشتهيه سفنه.. فإن الصداع زاد ولم ينحسر أو تخف حدته وعانت منه الحكومة قبل وأثناء الامتحانات وزاد أكثر بعد إعلان النتائج، حينما زادت اعتراضات الطلاب وأولياء الأمور على هذه النتائج ورفضهم القبول بها والشك فى صحتها، رغم إنها تمت كما أكد الوزير إلكترونيا ودون تدخل بشرى لضمان الحيدة والعدالة.
إصلاح أوضاع التعليم
ولعل السبب يكمن فى فجوة ثقة واسعة بين الوزير وأولياء الأمور.. وفجوة الثقة هذه تكونت لأن الدكتور طارق شوقي سعى منذ اللحظة الأولى لإملاء مشروعه لتطوير التعليم كله والذى تضمن الثانوية العامة، عَلى المصريين دون إهتمام بإقناعهم بذلك المشروع وجدواه وفوائده لهم.. إن أى تطوير سواء للتعليم أو غيره يواجه دوما رفضا ومعارضة ليس فقط من أصحاب المصلحة فى بقاء الأوضاع القائمة على ما هى عليه وإنما من عموم الناس أيضا لأنهم تعودوا على تلك الأوضاع وعرفوا كيف يتعاملون معها.. ولذلك فإن أى تطوير لكى ينجح يجب أن يقنع من يقوده عموم الناس به، وهذا ما لم يفعله الدكتور طارق شوقى، بل على العكس فإنه تعامل مع أولياء الأمور بطريقة ساهمت فى زيادة فجوة الثقة بينهم وبينه..
كما أن مشروع الوزير لتطوير التعليم تمت صياغته بشكل فردى ولم يتم إتاحة الفرصة لخبراء التعليم وأساتذة التربية للمشاركة فى إعداده وصياغته، ومن المعروف إن أى فكرة تخضع لنقاش المختصين تكون أفضل وأصلح من غيرها.. بل الأهم من ذلك أن الوزير لم يمنح اهتماما مناسبا لما طرحه بعض الخبراء والمختصين والمهتمين بإصلاح أوضاع التعليم فى بلادنا، بل إنه اكتفى بتأكيد أن أفكاره وحدها هى الأفضل والأصلح، رغم أنه حاول إجراء بعض التعديلات على مشروعه لتطوير التعليم، خاصة فيما يتعلق بالثانوية العامة، بعدما ثارت ملاحظات عديدة عليه.. وهذا لا يستقيم فى دعوات التطوير ولا يساعد على نجاح مشروعات التطوير.