سر إصرار الإخوان على إدارة التنظيم بالأعراف القبلية وسلطة الأهل والعشيرة
رغم اتساع رقعة جماعة الإخوان الإرهابية في كل ربوع الوطن العربي، ومنافستها على الحكم المدني طيلة السنوات الماضية، إلا أنها لم تملك يوما أعراف تنظيمية تعلي من قيمة العمل المدني، وتدرب أعضائها من خلاله على أهداف وبرامج تسعى إلى المشاركة ضمن حكم مدني ترفع شعاراته دون تجربة حقيقية، إذ ترفض قيادات الإخوان دائما تبني أي ممارسة ديمقراطية داخلية ـ غير شكلية ـ وكل ممارساتها في اختيار قياداتها من القمة للقاع تخضع لولاءات العشيرة والقبيلة، ونقلت نفس التطبيق في العمل العام، ما تسبب في إزهاق الربيع العربي وتدمير أهدافه.
العشيرة.. ماهي ؟
مجموعة من الناس تجمعهم قرابة ونسب فعلي أو متصور يتمحور حول العضو المؤسس، الذي يُعتبر رمزًا للوحدة بأفكاره وشخصه وسيرته وأهدافه.
ويتجاوز الولاء للعشيرة الولاء للدولة نفسها عن الإخوان والإسلاميين بشكل عام، وهذا ما حدث في المجتمعات العربية وخاصة بعد اندلاع ثورات الربيع العربي، حيث لم تعتمد أحزاب وجماعات الإسلام السياسي إلا على الولاء لتحقيق مكاسب سياسية شعارها العصبية، وأصبحت تزكية علاقات الأخوة الدينية أهم للإسلاميين من العمل على مستقبل أفضل للدولة كلها، ولهذا اتخذت عمليات التصويت في الفعاليات الديمقراطية المختلفة سلوكيات غير عقلانية ما ساهم في تنامي روح العصبية والقبلية.
عصبية موازية
وانعكس ذلك على الأفكار والأيدلوجيات المدنية المعادية للفكر الديني، التي لجأت هي الأخرى إلى تشكيل عصبية مضادة للوقوف أمام مخططات أسلمة الدول وتحويلها إلى فناء خلفي للمشروعات الإقليمية الساعية إلى إعادة الخلافة ورهن استقلال الدول العربية وسيادتها بيد دولة واحدة تحتضن هذه المشروعات وتحركها من الخلف لتحقيق أهدافها.
ويقول حسين الرواشدة، الكاتب والباحث، أن جماعة الإخوان من الداخل أقرب إلى المجتمعات العشائرية، حيث تدير أكبر تنظيم في المنطقة برؤى العشيرة والقبيلة سواء في الانتخابات أو عند مواجهة الأزمات التي كانت ولازالت تستدعي لحلها أو مواجهتها رصيدها الاجتماعي ـ الديني، بعيدًا عن الحلول المدنية المتعارف عليها.
وأضاف: لا يمكن تجاوز هذه العقبات، إذا كنا جادين في إحداث عملية تحول ديمقراطي تستند إلى الحزبية السياسية، مردفا: إصرار الإسلاميين على لعبة العشيرة، وعدم فتح الطريق لأنصارهم لفهم الحياة السياسية من منظور مدني وحزبي، من أهم أسباب ممارستهم للسياسة من منطق الوصاية على العمل السياسي والدولة والمجتمع، لا المشاركة على أسس واحدة.
وتابع: الأخطر دائما في السياسة الوصاية الاجتماعية والدينية التي تفتح الباب لوصاية تفرضها الجغرافيا وآخرى متعلقة بالبيزنس السياسي، الأمر الذي يسهم في النهاية إلى انعدام ثقة الناس ومؤسسات الدولة في منظومة، تنقطع عن المجتمع وقضاياه وعن الدولة نفسها، ولا تعمل إلا لحسابها الخاص.
واختتم الباحث: الديمقراطية لا تعترف بوجود تنظيمات دينية عشائرية تتحول مع الوقت ـ إذا استحوذت على السلطة ـ إلى ند للدولة ومؤسساتها، فإما ديمقراطية بالمعنى المتعارف عليه، أو حكم شمولي مدني بكل مشاكله وتعقيداتها، أفضل من الدخول في ديمقراطية شكلية تستغل المشاعر الدينية للبسطاء، وتتحول مع الوقت إلى نموذج خطير من نماذج الاستبداد الديني ولن يمكن مقاومته.