لماذا تستبعد الإخوان إشراكها في السلطة مع طالبان؟
دخل نجل أحمد شاه مسعود، الزعيم الأفغاني الراحل على خط الأزمة في أفغانستان، في الوقت الذي تمتنع فيه جماعة الإخوان رسميًا عن الخوض في قضية طالبان وصعودها للسلطة، خاصة أن بينهما ما صنع الحداد، وقصة الصدام بينهما مازالت حية وترددها كل الحركات الإسلامية وتحذر منها ولاسيما أن طالبان تستأثر بالسلطة ولم تحدد حتى الآن ما الذي تريده ليشارك معها في الحكم.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل طالبان والإخوان لديهما القدرة والرغبة على تجاوز إرث الماضي، أم الصدام أكبر من محاولة احتوائه؟
يقول عمرو فاروق، الكاتب والباحث في شئون الجماعات الإسلامية، إن القواسم الفكرية المشتركة بين الإخوان وحركة طالبان، لا تنفي وجود خلاف تاريخي تنافسي على السلطة منذ سيطرتها على كابول في سبتمبر 1996، التي انحازت فيه الجماعة إلى الولايات المتحدة في حربها ضد طالبان وإسقاطها عام 2001.
المنافسة على السلطة
أضاف "فاروق": لا ترغب جماعة الإخوان في وجود فصيل منافس لها في السلطة التي تتشارك فيها مع الحكومة الأفغانية منذ بداية الألفية الجديدة، وتقديم نفسها للقوى الأصولية الأكثر هيمنة على المشهد الداخلي الأفغاني، من خلال سيطرتها على مفاصل المؤسسات السيادية والسياسية والاجتماعية.
وتابع: لم تكن كابول بعيدة تمامًا عن مصيدة الإخوان، إذ تم استقطاب هارون المجددي مندوب الهيئة العربية عن أفغانستان، واستقباله في مقر المركز العام للجماعة في القاهرة عام 1948.
واستطرد: كما لعب قسم الاتصال" بالعالم الإسلامي والبلاد العربية الذي أسَّسه حسن البنا عام 1944، دورًا مهمًا في استمالة الشباب الأفغان الوافدين للدراسة في جامعة الأزهر، أمثال برهان الدين رباني، وعبد رب الرسول سياف، ومحمد خان نيازي، وقلب الدين حكمتيار، وغيرهم من الذين تمكنوا من نشر المنهجية الفكرية للإخوان بين طلاب الجامعات، وأسسوا حركة "الشباب المسلم"، و"جمعية خدام الفرقان"، و"الجمعية الإسلامية"، لدرجة دفعت حكومة داود خان إلى متابعتهم وملاحقتهم أمنيًا.
وأضاف: مع اشتعال الحرب الأفغانية السوفيتية التي استمرت من ديسمبر 1979 حتى فبراير 1989، كانت جماعة الإخوان الداعم الأساسي والمموّل الرئيسي لجبهات المقاتلين الأفغان، تحت مظلة الولايات المتحدة الأمريكية، التي أطلقت عليهم "السلاح السري" في حرب الظل ضد الاتحاد السوفيتي، وفقًا لكتاب "النوم مع الشيطان"، لضابط الـ CIA المتقاعد، روبرت باير، المسئول عن عمليات الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، كاشفًا توظيف المخابرات الأمريكية لجماعة الإخوان، في القيام بأعمال قذرة في كل من اليمن وأفغانستان.
ملامح الصراع
واختتم الباحث: ملامح الصراع المحتدم والمتوقع بين دراويش حسن البنا، وتلاميذ الملا عمر مؤسس حركة طالبان قد تدفع أفغانستان الى حالة عبثية في كابول، في ظل إصرار كل طرف منهما على الانفراد بالساحة الأفغانية، وتطبيق سيناريوهات الوصول الى دولة الخلافة المزعومة والمستحيلة.