العفو عن شعب!
حرصت حركة طالبان عندما دخلت العاصمة كابول وسيطرت على القصر الرئاسى بها أن تعلن إنها إتخذت قرارا بالعفو العام عن كل الشعب الأفغاني وأنها لن تعاقب أو تنتقم من أحد منهم، وقد لاقى هذا الإعلان من قبل الحركة ترحيبا هنا وهناك، واعتبره البعض أحد مظاهر تغير طالبان وانتهاجها سياسات جديدة فى إدارة حكم البلاد!.. لكن هؤلاء لم يدركوا معنى هذا العفو العام لطالبان عن جموع الشعب الأفغاني، وهو معنى خطير ومثير للقلق ولا يبشر بأي تغير في النهج المتطرف والتكفيري لتلك الحركة، رغم حرص قادتها على طمأنة المجتمع الدولي.. فإن هذا العفو العام والجماعي الذي قدمته الحركة لجموع الشعب الأفغانى يعنى بكل وضوح ودون أي لَبْس أن طالبان اعتبرت كل هذه الجموع مذنبة منحتها عفوا عاما اقتضته ظروف داخلية وأوضاع خارجية.
وبهذا المعنى فإن طالبان تتوقع بالطبع ألا يعود من قامت بالعفو عنهم لما كانوا يفعلونه من قبل.. أي أن هذا العفو العام للشعب الأفغانى مرهون ومشروط بإمتثال هذه الجموع لأوامر وتعليمات ونواهي الحركة.. وهذا أمر لا يبشر بتغير إيجابى لحركة طالبان، وإنما على العكس تماما يشى بأن حركة طالبان تنظر إلى الشعب الأفغاني بشكل جماعي بإعتبارهم عصاة كانوا يستحقون العقاب ولكنها قامت بالعفو معهم لدواعى خاصة.. وهذا هو جوهر النهج التكفيري الذي غلب على جماعات وتنظيمات وحركات الإسلام السياسى التى تعتبر أعضاءها وحدهم هم المسلمين ومن لا ينتمون لعضويتها عصاة أو غير مسلمين أو مسلمين يحتاجون لإصلاح إسلامهم، وهى وحدها التي يحق لها أن تقوم بهذا الإصلاح لإسلامهم.
لا تخدعوا الناس
إن تاريخ جماعات وتنظيمات وحركات الإسلام السياسي لا يتضمن أي تراجع عن النهج المتطرف التكفيري الذي تتسم به اللهم سوى المراجعات الفكرية والدينية لعدد من قادة وأعضاء الجماعة الإسلامية فى مصر والتى تمت داخل السجون وبرعايةَ وزارة الداخلية.. وهذا كان إستثناء تم بعد إعتذار هؤلاء عن كل جرائم العنف التي ارتكبوها وعلى رأسها جريمة اغتيال الرئيس الأسبق أنور السادات.. وحتى هذا الإستثناء المحدود تراجع عنه بعض قادة أعضاء تلك الجماعة فيما بعد حينما انخرطوا في ممارسة العنف والتحريض عليه بعد طرد الإخوان شعبيا من حكم البلاد.. لذلك يا من تبالغون في توقع حدوث تغير دراماتيكي في نهج طالبان التكفيري تريثوا وانتبهوا ولا تخدعوا الناس.